بالمكابرة فما يعجز عنها من لا دين له (1).
وما رؤى قط حلال وحلال يجتمعان فيحرمان الا ان يأتي بذلك نص، وبهذا الدليل نفسه خالف الحنيفيون السنة الثابتة في تحريم نبيذ التمر، والزبيب يجمعان، ثم حكموا (2) به ههنا حيث لا يحل الحكم به، وبالله تعالى التوفيق.
وهم يقولون: ان الجماع دون الفرج حتى يمنى لا يوجب حدا ولا يلحق به الولد، وكان يجب ان يفرقوا بينه وبين الجمع في ابطال الصوم به، مع أن نقض الصوم بتعمد الامناء خاصة لا نعلمه عن أحد من خلق الله تعالى قبل أبي حنيفة، ثم اتبعه مالك، والشافعي.
وأما القئ الذي لا يتعمد فقد جاء الأثر بذلك على ما ذكرنا قبل، ولا نعلم في القلس والدم الخارجين (3) من الأسنان لا يرجعان إلى الحق، خلافا في أن الصوم لا يبطل بهما، وحتى لوجاء في ذلك خلاف لما التفت إليه، إذ لم يوجب بطلان الصوم بذلك نص.
وأما الحقنة والتقطير في الإحليل والتقطير في الاذن والسعوط والكحل ومداواة الجائفة والمأمومة: فإنهم قالوا: إن ما وصل إلى الجوف والى باطن الرأس لأنه جوف فإنه ينقض الصوم، قياسا على الاكل.
ثم تناقضوا، فلم ير الحنيفيون والشافعيون في الكحل قضاء وان وصل إلى حلقه ولم ير مالك بالفتائل تستدخل لدواء بأسا للصائم، (4) ولم ير الكحل يفطر، إلا أن يكون فيه عقاقير.
وقال الحسن بن حي: لا تفطر الحقنة إن كانت لدواء.
وعن إبراهيم النخعي لا بأس بالسعوط للصائم.
ومن طريق عبد الرزاق عن المعتمر بن سليمان التيمي: ان أباه، ومنصور بن المعتمر، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة كانوا يقولون: ان اكتحل الصائم فعليه ان يقضى يوما مكانه.
قال أبو محمد: إنما نهانا (5) الله تعالى في الصوم عن الأكل والشرب والجماع وتعمد القئ والمعاصي، وما علمنا أكلا ولا شربا يكون على دبر، أو إحليل، أو أذن، أو عين، أو أنف أو من جرح في البطن أو الرأس! وما نهينا قط عن أن نوصل إلى الجوف بغير الأكل والشرب ما لم يحرم علينا إيصاله!.
والعجب أن من رأى منهم الفطر بكل ذلك لا يرى على من احتقن بالخمر أو صبها