في اذنه حدا! فصح انه ليس شربا ولا أكلا.
ثم تناقضهم في الكحل عجب جدا! وهو أشد وصولا إلى الحلق، ومجرى الطعام من الفطور في الاذن.
واحتج بعضهم بأنه كغبار الطريق، والطحين.
فقيل له: ليس مثله، لان غبار الطريق والطحين لم يتعمد إيصاله إلى الحلق، والكحل تعمد إيصاله.
وأيضا: فان قياس السعوط على غبار الطريق والطحين أولى، لان كل ذلك مسلكه الانف، ولكنهم لا يحسنون قياسا، ولا يلتزمون نصا، ولا يطردون أصلا! (1).
أما المضمضة والاستنشاق فيغلبه الماء فيدخل حلقه عن غير تعمد.
فان أبا حنيفة قال: إن كان ذاكرا لصومه فقد أفطر وعليه القضاء، وإن كان ناسيا فلا شئ عليه، وهو قول إبراهيم.
وقال مالك: عليه القضاء في كل ذلك.
وقال ابن أبي ليلى: لا قضاء عليه، ذاكرا كان أو غير ذاكر.
وروينا عن بعض التابعين وهو الشعبي، وحماد وعن الحسن بن حي: إن كان ذلك في وضوء لصلاة فلا شئ عليه، وإن كان لغير وضوء فعليه القضاء.
قال أبو محمد: قال الله تعالى: (ليس عليكم جناح فيا أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) وروينا قولنا في هذه المسألة عن عطاء بن أبي رباح.
واحتج من أفطر بذلك بالأثر الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وإذا استنشقت فبالغ، الا أن تكون صائما).
قال أبو محمد: ولا حجة لهم فيه، لأنه ليس فيه أنه يفطر الصائم بالمبالغة في الاستنشاق، وإنما فيه إيجاب المبالغة في الاستنشاق لغير الصائم وسقوط وجوب ذلك عن الصائم فقط، لا نهيه عن المبالغة، فالصائم مخير بين أن يبالغ في الاستنشاق وبين أن لا يبالغ فيه، (2) وأما غير الصائم فالمبالغة في الاستنشاق فرض عليه، والا كان مخالفا لامره عليه السلام بالمبالغة، ولو أن امرءا يقول: إن المبالغة في الاستنشاق تفطر الصائم لكان أدخل في التمويه منهم، لأنه (3) ليس في هذا الخبر من وصول الماء