مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٣٢٩
القول المتقدم وهو: أطلقت زوجتك (التماسا لانشاء فقال: نعم) أو نحوها مما يرادفها، (فصريح) في الايقاع حالا، لأن نعم ونحوه قائم مقام طلقتها المراد لذكره في السؤال (وقيل) هو (كناية) يحتاج لنية، لأن نعم ليست معدودة من صرائح الطلاق. فإن قيل: الأول مشكل لحصرهم صرائح الطلاق في ثلاثة، وبقولهم إن الكناية لا تصير صريحا بالتماس طلاق.
أجيب بأن السؤال معاد في الجواب فكأنه قال نعم طلقتها، ولهذا كان صريحا في الاقرار. هذا إذا اقتصر على نعم، فإن قال:
نعم طلقت فهو صريح قطعا، وإن اقتصر على طلقت فقيل هو كناية، لأن نعم تتعين للجواب، وقوله طلقت مستقل بنفسه، فكأنه قال ابتداء طلقت، واقتصر عليه وهو لو قال ذلك ابتداء لم يقع عليه شئ، وقيل كنعم، والأول أوجه كما قاله شيخنا.
تنبيه: لو جهل حال السؤال فالظاهر أنه استخبار كما قاله الزركشي.
فروع: لو قال شخص لآخر: فعلت كذا فأنكر، فقال: إن كنت فعلت كذا فامرأتك طالق، فقال: نعم وكان قد فعله لم يقع الطلاق كما في فتاوى القاضي، وجعله البغوي استدعاء طلاق فيكون كما لو قيل له طلقت امرأتك مستدعيا منه طلاقها فقال نعم، والأول أوجه. ولو قيل له: إن جاء زيد فامرأتك طالق، فقال: نعم لم يكن تعليقا. ولو قيل له:
ألك زوجة؟ فقال: لا، لم تطلق وإن نوى لأنه كذب محض: وهذا ما نقله في أصل الروضة عن نص الاملاء، وقطع به كثير من الأصحاب. ثم ذكر تفقها ما حاصله أنه كناية على الأصح، وبه صرح المصنف في تصحيحه، وأن لها تحليفه أنه لم يرد طلاقها، وعليه جرى الأصفوني والحجازي في اختصارهما كلام الروضة، والأول أوجه كما جرى عليه ابن المقري في روضه. ولو قيل له: أطلقت ثلاثا؟ فقال: قد كان بعض ذلك، فليس إقرارا بالطلاق لاحتمال جريان تعليق أو وعد أو مخاصمة تؤول إليه، فلو فسر بشئ من ذلك قبل. ولو قال لزوجته: ما أنت لي بشئ كان لغوا لا يقع به طلاق وإن نوى. ولو قال: امرأتي طلقها زوجها ولم تتزوج غيره طلقت.
فصل: في أنواع من التعليق: إذا (علق) طلاق زوجته (بأكل رغيف أو رمانة) عين كلا منهما أم لا، ك‍ إن أكلت هذا الرغيف أو هذه الرمانة أو رغيفا أو رمانة فأنت طالق (فبقي) من ذلك بعد أكلها له (لبابة) من الرغيف تقع موقعا كما قاله الإمام، (أو حبة) من الرمانة، (لم يقع) طلاق، لأنه يصدق أنها لم تأكل الرغيف أو الرمانة وإن تسامح أهل العرف في إطلاق أكل الرغيف أو الرمانة في ذلك. أما اللبابة التي لا تقع موقعا كفتات الخبز الذي يدق مدركه لا يظهر له أثر في بر ولا حنث، ولهذا عبر في المحرر بكسرة، ومثل ذلك يأتي في الرمانة فيما إذ بقي بعض حبة وفي التمرة المعلق بأكلها إذا بقي قمعها أو شئ مما جرت العادة بتركه.
فروع: لو قال لها: إن أكلت أكثر من رغيف فأنت طالق حنث بأكلها رغيفا وأدما، أو قال: إن أكلت اليوم إلا رغيفا فأنت طالق فأكلت رغيفا وفاكهة حنث. ولو قال لها: إن لبست قميصين فأنت طالق طلقت بلبسهما ولو متواليين. ولو قال لها نصف الليل مثلا: إن بت عندك فأنت طالق فبات عندها بقية الليل حنث للقرينة، وإن اقتضى المبيت أكثر الليل، ولو قال لها: إن نمت على ثوب لك فأنت طالق فتوسد مخدتها مثلا لم يحنث كما لو وضع عليها يديه أو رجليه. ولو قال لها: إن قتلت زيدا غدا فأنت طالق فضربه اليوم ومات عنه غدا لم يحنث، لأن القتل هو الفعل المفوت للروح ولم يوجد. ولو قال لها: إن كان عندك نار فأنت طالق حنث بوجود السراج عندها. ولو قال لها: إن جعت يوما في بيتي فأنت طالق فجاعت يوما بصوم لم تطلق، بخلاف ما لو جاعت يوما بلا صوم فإنها تطلق. ولو قال لها:
إن لم يكن وجهك أحسن من القمر فأنت طالق لم تطلق وإن كانت زنجية، لقوله تعالى: * (لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم) *، نعم إن أراد بالحسن الجمال وكانت قبيحة الشكل حنث كما قاله الأذرعي. ولو قال لها: إن قصدتك بالجماع فأنت طالق فقصدته هي فجامعها لم يحنث، فإن قال لها: إن قصدت جماعك فأنت طالق فقصدته فجامعها حنث.
(٣٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460