صححه في الروضة من السقوط فيما إذا دفع زكاته لمسكين وهو غير المدفوع جنسا وقدرا بأن كانت في كاغد ونحوه.
فصل: في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها: كل (من طلب زكاة وعلم الإمام) أو منصوبه لتفرقتها (استحقاقه) لها (أو عدمه، عمل بعلمه) في ذلك، فيعطي من علم استحقاقه لها، ويمنع من علم عدم استحقاقه، بل يحرم عليه حينئذ الصرف له ويجب عليه منعه. قال الرافعي: ولم يخرجوه على القضاء بالعلم، أي لم يجروا فيه الخلاف المذكور فيه، بل جزموا به، وفرق في المجموع بأن الزكاة مبنية على الرفق والمساهلة، وليس فيها إضرار بالغير بخلاف القضاء بالعلم.
تنبيه: قوله: من طلب ليس بقيد، بل لو أراد الإمام تفرقتها بلا طلب كان الحكم كذلك، وكذا قوله: وعلم الإمام فلو فرقها المالك بنفسه أو بوكيله كان الحكم كذلك. (وإلا) أي وإن لم يعلم الدافع استحقاق المريد الدفع إليه ولا عدمه، (فإن ادعى) مريد الاخذ (فقرا أو مسكنة لم يكلف بينة) يقيمها على ذلك لعسرها، ولم يحلف في الأصح إن اتهم، فإن لم يتهم لم يحلف جزما، لأنه (ص) أعطى اللذين سألاه الصدقة بعد أن أعلمهما أنه لاحظ فيها لغني ولم يطالبهما بيمين. وإن ادعى عدم الكسب وحاله يشهد بصدقه كأن كان زمنا أو شيخا كبيرا فإنه يصدق بلا بينة ولا يمين، وكذا يصدق إن كان قويا جلدا في الأصح. (فإن عرف له) أي من طلب زكاة، (مال) يمنع من صرف الزكاة إليه، (وادعى تلفه كلف) بينة على تلفه، وهي رجلان أو رجل وامرأتان، لسهولتها، ولان الأصل بقاؤه.
قال الرافعي: ولم يفرقوا بين أن يدعي تلفه بسبب ظاهر أو خفي كالوديع. قال المحب الطبري: والظاهر التفرقة كالوديعة اه. وهذا هو المعتمد وإن فرق ابن الرفعة بينهما بأن الأصل هناك عدم الضمان وهنا عدم الاستحقاق، فإن هذا يؤدي إلى عدم أخذ من ادعى ذلك بالكلية فإنه لا يصدق ولا يمكنه إقامة البينة، وفي هذا حرج عظيم، وقد قال تعالى: * (وما جعل عليكم في الدين من حرج) *.
تنبيه: أطلق في زيادة الروضة في قسم الفئ أن من ادعى أنه مسكين أو ابن سبيل قبل بلا بينة، وهو محمول على هذا التفصيل المذكور. (وكذا إن ادعى) من طلب زكاة (عيالا) له لا يفي كسبه بكفايتهم كلف البينة على العيال، (في الأصح) لأن الأصل عدمهم ولسهولة إقامة البينة على ذلك، والمراد بهم من تلزمه نفقتهم. قال شيخنا: وقول السبكي نفقتها، وكذا من لم تلزمه ممن تقضي المروءة بقيامه بنفقتهم ممن يمكن صرف الزكاة إليه من قريب وغيره بعيد.
(ويعطى غاز) جاء وقت خروجه كما في الروضة وأصلها، (وابن السبيل) كذلك قياسا عليه، (بقولهما) بلا بينة ولا يمين على الأصح لأنه لأمر مستقبل. (فإن لم يخرجا) مع الرفقة وإن تأهبا للغزو والسفر، (استرد) منهما ما أخذاه، لأن صفة الاستحقاق لم تحصل. ولم يتعرض الجمهور للقدر الذي يحتمل تأخيره، وقدره السرخسي بثلاثة أيام. قال الرافعي: ويشبه أنها تقريب، أي فيحتمل تأخير الخروج لانتظار الرفقة وتحصيل الأهبة ونحوهما. قال الرافعي: ولو مات الغازي في الطريق أو امتنع من الغزو استرد منه ما بقي، وهو يدل على أنه لا يسترد جميع ما أخذه، وهذا كما قال ابن الرفعة ظاهر في حالة موته دون امتناعه.
تنبيه: مقتضى عبارة المصنف أن الغازي وابن السبيل إذا خرجا ورجعا وفضل شئ لم يسترد منهما، وليس على إطلاقه، بل يسترد من ابن السبيل مطلقا. وأما الغازي فإن غزا ورجع وبقي معه شئ صالح ولم يقتر والباقي على نفسه استرد منه ذلك فقط، لأنا تبينا أن المعطي فرق حاجته فإن قتر على نفسه أو لم يقتر والباقي لم يسترد منه شئ. ولا يختص الاسترداد بهما، بل إذا أعطي المكاتب ثم استغنى عما أعطيناه بتبرع السيد بإعتاقه أو إبرائه عن النجوم استرد ما قبضه على