خرجت بغير الاذن طلقت، لأن كلما تقتضي التكرار كما مر، وخلاصه من ذلك أن يقول لها: أذنت لك أن تخرجي متى شئت أو كلما شئت. ولو قال لها: إن خرجت لغير الحمام فأنت طالق فخرجت إليه ثم عدلت لغيره لم تطلق لأنها لم تخرج إلى غيره، بخلاف ما لو خرجت لغيره ثم عدلت إليه. ولو خرجت لهما فوجهان، أحدهما وصححه في الروضة هنا: أنها تطلق لأنها خرجت لغير الحمام، كما لو قال لها: إن كلمت زيدا وعمرا والثاني: أنها لا تطلق كما في المهمات، وهو المعروف المنصوص، وقد قال في الروضة في الايمان: الصواب الجزم به، وعلله الرافعي بأن المفهوم من اللفظ المذكور الخروج لمقصود أجنبي عن الحمام، وهذا الحمام مقصود بالخروج. وقد حاول شيخنا بين ما هنا وما في الايمان بأن ما هناك محمول على ما إذا قصد بحلفه لهما خروج لغير الحمام فقط، وما هنا على ما إذا لم يقصد بحلفه شيئا فيصدق حينئذ على الخروج لهما أنه خروج لغير الحمام لأن الخروج لهما خروج لغير الحمام، وهذا أولى من التناقض. ولو حلف لا يخرج من البلد إلا مع امرأته فخرجا لكنه تقدم عليها بخطوات، أو حلف لا يضر بها إلا بموجب فشتمته فضربها بسوط مثلا لم تطلق للعرف في الأولى ولضربه لها بموجب في الثانية، إذ المراد فيها بالموجب ما تستحق الضرب عليه تأديبا. ولو حلف لا يأكل من مال زيد فأضافه أو نثر مأكولا فالتقطه أو خلط زاد بهما لم يحنث لأن الضيف يملك الطعام قبيل الازدراد، والملتقط يملك الملقوط بالأخذ، فالخلط في معنى المعاوضة. ولو حلف لا يدخل دار زيد ما دام فيها فانتقل منها وعاد إليها ثم دخل الحالف وهو فيها لم يحنث لانقطاع الديمومة بالانتقال منها، نعم إن أراد كونه فيها فينبغي أن يحنث، قاله الأذرعي. ولو قال لها: إن لم تخرجي الليلة من داري فأنت طالق ثلاثا فخالعها بنفسها أو أجنبي في الليل وإن تمكنت قبله من الخروج ثم جدد نكاحها أو لم يجدده وإن لم تخرج لم تطلق، قال الرافعي: لأن الليل كله محل اليمين ولم يمض الليل كله وهي زوجة له. وقد تقدم أن ابن الرفعة أفتى بأنه لا يتخلص بذلك فيما لو حلف لأفعلن كذا في مدة كذا بعد أن أفتى بخلافه وقال: تبين لي أنه خطأ، ورد عليه البلقيني. وقال: إن الصواب ما أفتى به أولا. وهو ظاهر كلام الأصحاب فليكن هو المفتى به. (ولو قال) لها: (أنت طالق إلى حين أو) إلى (زمان) أي بعد كل منهما، فإلى في كلامه بمعنى بعد، (أو بعد حين) أو زمان، (طلقت بمضي لحظة) لأن ذلك يقع على المدة الطويلة والقصيرة، قال تعالى: * (حين تمسون وحين تصبحون) *، وقال تعالى: * (هل أتى على الانسان حين من الدهر) * قيل: أراد تسعة أشهر، وقيل: أربعين سنة، وقيل: مائة وعشرين سنة، وقيل: ستمائة سنة، وهي التي بين عيسى وبين نبينا (ص).
فإن قيل: لو قال: والله لأقضينك حقك إلى حين لم يحنث بمضي لحظة، فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن الطلاق إنشاء ولأقضين وعد فيرجع فيه إليه.
تنبيه: العصر والدهر هو الزمن كما قاله الجوهري، والوقت والآن والحقب بفتح القاف كالزمان والحين فيما مر كما قاله الأصحاب وإن استبعده الإمام والغزالي، أما الحقب بضم القاف فهو ثمانون سنة.
فروع: لو حلف لا صمت زمانا حنث بالشروع في الصوم كما لو حلف لا صمت. ولو حلف ليصومن أزمنة كفاه صوم يوم لاشتماله على أزمنة. ولو حلف ليصومن الأيام كفاه ثلاثة منها. ولو قال لزوجته: إن كان الله يعذب الموحدين فأنت طالق لم تطلق إلا أن يريد إن كان يعذب أحدا منهم. ولو اتهمته زوجته باللواط فحلف لا يأتي حراما حنث بكل محرم. ولو قال: إن خرجت من الدار فأنت طالق ثم قال: ولا تخرجين من الصفة أيضا لغا الأخير، لأنه كلام مبتدأ ليس فيه صيغة تعليق ولا عطف. ولو قال لها: أنت طالق في البحر. أو في مكة، أو في الظل، أو نحو ذلك مما لا ينتظر طلقت في الحال إن لم يقصد التعليق. (ولو علق) الطلاق (برؤية زيد) مثلا، ك إن رأيته فأنت طالق، (أو لمسه وقذفه) ك إن لمسته أو قذفته فأنت طالق، (تناوله) التعليق (حيا وميتا) فيحنث برؤية الميت ومس بشرته لصدق الاسم في الميت كما في الحي، ولهذا يحد قاذفه، وينتقض وضوء ماسه. وخرج بالبشرة مسه بحائل، ومس شعره وظفره وسنه، ويكفي