مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٢٢٠
كتاب الصداق هو بفتح الصاد وكسرها: ما وجب بنكاح أو وطئ أو تفويت بضع قهرا كرضاع ورجوع شهود، سمي بذلك لاشعاره بصدق رغبة باذله في النكاح الذي هو الأصل في إيجاب المهر. ويجمع جمع قلة على أصدقة، وجمع كثرة على صدق، وله ثمانية أسماء مجموعة في قول الشاعر:
صداق ومهر نحلة وفريضة * حباء وأجر ثم عقر علائق وزاد بعضهم الطول في بيت فقال:
مهر صداق نحلة وفريضة * طول حباء عقر أجر علائق لقوله تعالى: * (ومن لم يستطع منكم طولا) * وزاد بعضهم عاشرا وهو النكاح، لقوله تعالى: * (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا) *. وقيل: الصداق ما وجب بتسمية في العقد، والمهر ما وجب بغير ذلك. والأصل في الباب قبل الاجماع قوله تعالى:
* (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) * أي عطية من الله مبتدأة، والمخاطب بذلك الأزواج عند الأكثرين، وقيل: الأولياء، لأنهم كانوا في الجاهلية يأخذونه ويسمونه نحلة، لأن المرأة تستمتع بالزوج كاستمتاعه بها أو أكثر فكأنها تأخذ الصداق من غير مقابل. وقوله تعالى: * (وآتوهن أجورهن) *. وقوله (ص) لمريد التزويج. التمس ولو خاتما من حديد رواه الشيخان. (نسن تسميته في العقد) لأنه (ص) لم يخل نكاحا عنه، ولأنه أدفع للخصومة، ولئلا يشبه نكاح الواهبة نفسها له (ص). ويؤخذ من هنا أن السيد إذا زوج عبده أمته أنه يستحب ذكر المهر، وهو ما في الروضة تبعا لبعض نسخ الشرح الكبير إذ لا ضرر في ذلك، وإن خالف في ذلك بعض المتأخرين. ويسن أن لا ينقص المهر عن عشرة دراهم خروجا من خلاف أبي حنيفة، وأن لا يزيد على خمسمائة درهم كأصدقة بناته (ص) وزوجاته، وأما إصداق أم حبيبة أربعمائة دينار فكان من النجاشي إكراما له (ص). ويسن أن لا يدخل بها حتى يدفع إليها شيئا من الصداق خروجا من خلاف من أوجبه. (ويجوز إخلاؤه منه) بالاجماع لكن مع الكراهة كما صرح به الماوردي والمتولي وغيرهما.
تنبيه: كان الأولى أن يقول: ويجوز إخلاؤه منها. أي التسمية، فإن النكاح لا يخلو من المهر إلا في مسائل مستثناة قد مر الكلام عليها، وإنما تخلو منه التسمية، ولهذا عبر في الروضة بقوله: ويجوز إخلاؤه عن تسمية لمهر.
وقد تجب التسمية لعارض في صور: الأولى: إذا كانت الزوجة غير جائزة التصرف أو مملوكة لغير جائز التصرف. الثانية:
إذا كانت جائزة التصرف وأذنت لوليها أن يزوجها ولم تفوض فزوجها هو أو وكيله. الثالثة: إذا كان الزوج غير جائز التصرف وحصل الاتفاق في هذه الصورة على أقل من مهر الزوجة وفيما عداها على أكثر منه، فيتعين تسميته بما وقع الاتفاق عليه. ولا يجوز إخلاؤه منه. (و) لا تتقدر صحة الصداق بشئ، لقوله تعالى: * (أن تبتغوا بأموالكم) * فلم يقدره، وقوله (ص): التمس ولو خاتما من حديد. بل ضابطه كل (ما صح) كونه (مبيعا) عوضا أو معوضا عينا أو دينا أو منفعة كثيرا أو قليلا ما لم ينته في القلة إلى حد لا يتمول (صح) كونه (صداقا ومالا)، فلا. فإن عقد بما لا يتمول ولا يقابل بمتمول فسدت التسمية ورجع لمهر المثل، ومثل له الصيمري بالنواة والحصاة وقشر البصلة وقمع الباذنجانة فإن قيل: يستثنى من الضابط ما لو جعل رقبة العبد صداقا لزوجته الحرة، وما لو جعل أم الولد صداقا عن الولد، وما لو جعل أحد أبوي الصغيرة صداقا لها، فإنه يصح ببيع هذه المذكورات ولا يصح جعلها صداقا، بل يبطل النكاح في الصورة الأولى لأنه قارنه ما يضاده، وفي الباقي يصح بمهر المثل. أجيب بصحة ما جعلها صداقا في الجملة، والغرض بيان ما يصح
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460