من باب التعبير بالبعض عن الكل وقع، أو من باب السراية فلا. وصور الروياني المسألة بما إذا فقدت يمينها من الكتف وهو يقتضي أنها تطلق في المقطوعة من الكف أو من المرفق وهو كذلك، لأن اليد حقيقة إلى المنكب كما مر في باب الوضوء. قال في البحر: ولو قال: حفصة طالق، ورأس عمرة برفع رأس طلقتا، أو بجره لم تطلق عمرة اه. وهذا ظاهر فيمن يعرف العربية، أما غيره فتطلق عمرة مطلقا. ولو قال لامته: يدك أم ولد أو للملتقط: يدك ابني لم يثبت به استيلاد ولا نسب لعدم السراية فيهما. (ولو قال: أنا منك طالق ونوى تطليقها) أي إيقاع الطلاق عليها، (طلقت) لأن عليه حجرا من جهتها، حيث لا ينكح معها أختها ولا أربعا، ويلزمه صونها ومؤنتها فيصح إضافة الطلاق إليه لحل السبب المقتضي لهذا الحجر، ولأن المرأة مقيدة والزوج كالقيد عليها والحل يضاف إلى القيد كما يضاف إلى المقيد، فيقال حل فلان المقيد وحل القيد عنه. (وإن لم ينو طلاقا فلا) تطلق، لأن اللفظ خرج عن الصراحة بإضافته إلى غير محله فشرط فيه ما شرط في الكناية من قصد الايقاع (وكذا) لا تطلق (إن لم ينو) مع نية الطلاق (إضافته إليها في الأصح) لأن محل الطلاق المرأة لا الرجل واللفظ مضاف إليه، فلا بد من نية صارفة تجعل الإضافة إليه إضافة إليها. والثاني: تطلق لوجود نية الطلاق، ولا حاجة للتنصيص على المحل نطقا أو نية.
تنبيه: عبارته تصدق بصورتين: الأولى: أن لا ينوي إيقاعه عليها ولا عليه. والثانية: أن ينوي تطليق نفسه، لكن عبر في الروضة في الأولى بالصحيح، وفي الثانية القطع بعدم الوقوع، وقيل: بجريان الخلاف. والتقييد بقول المصنف منك وقع أيضا في الروضة وأصلها وهو يوهم أنه لو أسقطها لم يقع، وكلام القاضي يقتضي عدم اعتبارها وهو الظاهر لانتظام هذا العمل بدونها وجرى عليه في المهمات، ولهذا حذفها الدارمي في الاستذكار، قال: وحينئذ فإن كانت له زوجة واحدة وقصد طلاقها فواضح، وإن كان له زوجات وقصد طلاق واحدة منهن وقع على واحدة ويعين. (ولو قال: أنا منك بائن) أو نحوه من الكنايات، (اشترط نية) أصل (الطلاق) قطعا كسائر الكنايات (وفي) نية (الإضافة) إليها (الوجهان) في قوله: أنا منك طالق أصحهما اشتراطها، فإن نوى الطلاق مضافا إليها وقع وإلا فلا لما مر.
تنبيه: لا حاجة إلى هذه المسألة بعد ذكر المسألة قبلها، لأن النية إذا شرطت في الصريح وهو: أنا منك طالق ففي الكناية وهو: أنا منك بائن أولى، اللهم إلا أن يقال: إنما ذكرها تمييزا بين الكناية القريبة والبعيدة، وهي استبراء رحمه الذي تضمنه قوله: (ولو قال: استبرئي رحمي منك) أو: أنا معتد منك، أو نحو ذلك كاستبرئي الرحم التي كانت لي، (فلغو) وإن نوى به الطلاق، لأن اللفظ غير منتظم في نفسه، والكناية شرطها احتمال اللفظ المراد. (وقيل: إن) نوى بهذا اللفظ (طلاقها وقع) ويكون المعنى عليه: استبرئي الرحم التي كانت لي وبه صور المسألة في الشرح الصغير.
تنبيه: قوله: منك ليس بقيد، فلو لم يذكره كان الحكم كذلك. ولو قال شخص لآخر: طلق امرأتي، فقال له: طلقتك ونوى وقوعه عليه لم تطلق كما قاله في التتمة، لأن النكاح لا تعلق له بالأجنبي بخلاف المرأة مع الزوج.
فصل: في بيان الولاية على محل الطلاق وهو الزوجة، وهذا هو الركن الخامس، فخرجت الأجنبية كما قال:
(خطاب الأجنبية بطلاق) كأنت طالق، (وتعليقه) أي الطلاق (بنكاح) كإن تزوجتها فهي طالق، (وغيره) أي النكاح كأن دخلت الدار فأنت طالق، (لغو) أي فلا تطلق على زوجها، أما المنجز فبالاجماع، وأما المعلق فلانتفاء الولاية من القائل على المحل، وقد قال (ص): لا طلاق إلا بعد نكاح رواه الترمذي وصححه. ولو قال: