مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٥٠
الثلث فيعطى متفرقا لاحتمال أن يستحقه الوارث.
فصل: في بيان المرض المخوف والملحق به المقتضيين للحجز في التبرعات الزائدة على الثلث. وقد شرع في القسم الأول فقال: (إذا ظننا المرض مخوفا) أي يخاف منه الموت لا نادرا وإن لم يكن غالبا كما نقلاه عن الإمام وأقراه وإن نازع فيه ابن الرفعة، (لم ينفذ) بفتح الياء وسكون النون وضم الفاء، ويجوز ضم الياء وفتح النون وتشديد الفاء، (تبرع زاد على الثلث) بل هو موقوف لأنه محجور عليه في الزيادة.
تنبيه: استشكل إطلاق المصنف عدم النفوذ بأنه إن كان بالنظر لباطن الامر فلا فرق بأن يظنه مخوفا أو لا، إذ المناط حينئذ لمرض المخوف لا ظنا. وإن كان بالنظر لظاهر الامر فهو مخالف لقول الأكثرين حيث قالوا: لو أعتق أمة في مرض موته جاز لوليها أن يزوجها لأنها حرة في الظاهر، ولا اعتبار باحتمال ظهور دين، فإن تحققنا نفوذ العتق استمرت الصحة، وإلا فإن أجاز الوارث وقلنا هي تنفيذ، فكما لو خرجت من الثلث أو رد وأجاز وقلنا هي عطية مبتدأة بان فساد. وقال ابن الحداد: ليس لوليها أن يزوجها فكلامهم هذا إنما يأتي على مقالة ابن الحداد قال الزركشي:
وينبغي حمل الوقف في كلامهم على وقف الاستمرار واللزوم لينتظم الكلامان اه‍. وهو حمل صحيح. (فإن برأ) بفتح الراء وكسرها: أي خلص من المرض. (نفذ) بفتح النون، التبرع المذكور: أي استمر نفوذه لتبين عدم الحجر. فإن مات به قال المصنف تبعا للبغوي أو بهدم أو غرق أو قتل أو ترد: لم ينفذ الزائد على الثلث، هذا كله إذا لم ينته إلى حالة يقطع فيها بموته، فإن انتهى إلى ذلك بأن شخص بصره - بفتح الشين والخاء: أي فتح عينيه بغير تحريك جفن - وبلغت روحه الحلقوم في النزع. أو ذبح أو شق بطنه وخرجت أمعاؤه أو غرق فغمره الماء وهو لا يحسن السباحة فلا عبرة بكلامه في وصية ولا في غيرها، فهو كالميت على تفصيل يأتي في الجنايات. / (وإن ظنناه) أي المرض (غير مخوف فمات) منه، (فإن حمل) الموت من هذا المرض (على) موت (الفجأة) بضم الفاء وفتح الجيم ممدودا وبفتح الفاء وسكون الجيم مقصورا، كأن مات وبه وجع ضرس وعين، (نفذ) التبرع (وإلا) أي وإن لم يحمل على الفجأة كإسهال يوم أو يومين، (فمخوف) أي تبينا باتصاله بالموت كان مخوفا، لا أن إسهال يوم أو يومين مخوف، فلا يتنافى ما يأتي. فإن قيل: المرض إن اتصل بالموت كان مخوفا وإلا فلا فائدة لنا في معرفته. أجيب بأنه لو قتل أو غرق مثلا في هذا المرض إن حكمنا بأنه مخوف لم ينفذ كما مر وإلا نفذ.
(ولو شككنا في كونه) أي المرض (مخوفا لم يثبت إلا ب‍) - قول (طبيبين) عالمين بالطب (حرين عدلين) أي مقبولي الشهادة، لأنه تعلق به حق آدمي من الموصى له والوارث فاشترط فيه شروط الشهادة كغيرها. وقد علم من قوله: طبيبين كونهما عالمين بالطب، ومن قوله: عدلين كونهما مسلمين مكلفين، فإنهما من شروط العدالة، فلا يثبت بنسوة ولا برجل وامرأتين، لأنها شهادة على غير المال وإن كان المقصود المال. نعم إن كان المرض علة باطنة بامرأة لا يطلع عليها الرجال غالبا ثبت بمن ذكر.
تنبيه: أشعر كلام المصنف بقبول شهادتهما في كون المرض غير مخوف، وهو كذلك كما صرح به الرافعي خلافا للمتولي، وإن علل ذلك بأنها شهادة نفي، لأنه نفي محصور. ولو قال الطبيبان: هذا المرض سبب ظاهر يتولد منه مخوف فمخوف، أو يفضى إلى مخوف نادرا فلا، ولو اختلف الوارث والمتبرع عليه في كون المرض مخوفا بعد موت المتبرع فالقول قول المتبرع عليه، لأن الأصل عدم الخوف وعلى الوارث البينة. ولم يعرف المصنف المرض المخوف استغناء بذكر أمثلة منه ذكرها بقوله: (ومن المخوف قولنج) بضم القاف وفتح اللام وكسرها، قال الرافعي: وهو أن ينعقد الطعام في بعض الأمعاء فلا ينزل ويصعد بسببه البخار إلى الدماغ فيؤدي إلى الهلاك ويقال فيه قولون، وينفعه أمور
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460