مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٣٥٩
واحدا مرارا بقصد الاستئناف، فإن الأصح في المهذب وفتاوى المصنف أنه يلزمه كفارة واحدة، وفي القرن بينهما غموض اه‍. وفرق بينهما بأن المرجح في الظهار شبه الطلاق.
خاتمة: لو قال: إن لم أتزوج عليك فأنت علي كظهر أمي وتمكن من التزوج توقف الظهار على موت أحدهما قبل التزوج ليحصل اليأس منه، لكن لا عود لوقوع الظهار قبيل الموت فلم يحصل إمساك. فإن قال: إذا لم أتزوج عليك فأنت علي كظهر أمي فإنه يصير مظاهرا بإمكان التزوج عقب التعليق فلا يتوقف على موت أحدهما. والفرق بين إن وإذا مر بيانه في الطلاق. ولو قال: إن دخلت الدار فوالله لا وطئتك وكفر قبل الدخول لم يجزه لتقدمه على السببين جميعا كتقديم الزكاة على الحول والنصاب. ولو علق الظهار بصفة وكفر قبل وجودها، أو علق عتق كفارته بوجود الصفة لم يجزه لما مر. وإن ملك من ظاهر منها وأعتقها عن ظهاره صح. ولو ظاهر أو آلى من امرأته الأمة فقال لسيدها ولو قبل العود: أعتقها عن ظهاري أو إيلائي ففعل عتقت عنه وانفسخ النكاح، لأن إعتاقها عنه يتضمن تمليكها له.
كتاب الكفارة أي جنسها لا كفارة الظهار فقط. وهي مأخوذ من الكفرة، وهو الستر لسترها الذنب تخفيفا من الله تعالى، وسمي الزارع كافرا لأنه يستر البذر. وهل الكفارات بسبب حرام زواجر كالحدود والتعازير للخلل الواقع؟
وجهان: أوجههما الثاني كما رجحه ابن عبد السلام، لأنها عبادات، ولهذا لا تصح إلا بالنية. وافتتح في المحرر هنا الكتاب بقوله تعالى: * (فتحرير رقبة مؤمنة) * وبقوله تعالى: * (إطعام عشرة مساكين) *، وصدره المصنف بما يعتبر في أنواع الكفارات، ثم ذكره عقب كفارة الظهار فقط مبتدئا باشتراط النية فيها فقال: (يشترط نيتها) بأن ينوي العتق أو الصوم أو الاطعام عن الكفارة لأنها حق مالي يجب تطهيرا كالزكاة، والأعمال بالنيات، فلا يكفي الاعتاق أو الصوم أو الكسوة أو الاطعام الواجب عليه لأنه قد يجب بالنذر. نعم لو نوى الواجب بالظهار أو القتل كفى، فلو كان عليه رقبة ولم يدر أنها عن ظهار أو نذر أو قتل أجزأه نية العتق الواجب عليه.
تنبيه: أفهم كلامه أنه لا يشترط التعرض للفرضية، وهو كذلك لأنها لا تكون إلا فرضا، ولا يشترط اقتران النية بالاعتاق أو الاطعام بل يجوز تقديمها كما نقله في المجموع في باب قسم الصدقات عن الأصحاب وصححه بل صوبه، وقال: إنه ظاهر النص، وإن صحح هنا تبعا للرافعي أنه يجب اقترانها بذلك. وإذا قدمها فينبغي كما قال الزركشي وجوب قرنها بعزل المال كما في الزكاة، وسيأتي أواخر هذا الكتاب أن التكفير بالصوم يشترط فيه التبيين. (لا تعيينها) بأن تقيد بظهار أو غيره، فلا يشترط كما لا يشترط في زكاة المال تعيين المال المزكى بجامع أن كلا منها عبادة مالية بل تكفي نية أصلها، فلو أعتق رقبتين بنية الكفارة وكان عليها كفارة قتل وظهار أجزأه عنهما، وإن أعتق واحدة وقعت عن إحداهما. وإنما لم يشترط تعينها في النية كالصلاة لأنها في معظم خصالها نازعة إلى الغرامات فاكتفى فيها بأصل النية، نعم لو نوى غير ما عليه ولو خطأ لم يجزه كما لو أخطأ في تعيين الإمام في الصلاة، وهذا بخلاف ما لو أخطأ في الحدث حيث يصح، والفرق أن بارتفاعه يرتفع غيره، وهنا لم يكفر عما عليه.
تنبيه: الذمي المظاهر كالمسلم يكفر بعد عوده بالعتق والطعام، ويتصور إعتاقه عن كفارته بأن يسلم عبده الكافر أو يرث عبدا مسلما أو يقول لمسلم: أعتق عبدك المسلم عن كفارتي فيجيبه أو نحو ذلك، والصوم منه لا يصح، ولا يطعم وهو قادر على الصوم، فيترك الوطئ أو يسلم ويصوم ثم يطأ، ويلزمه نية الكفارة عما يكفر به للتمييز لا للتقرب
(٣٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460