الله تعالى حفظ الملة المحمدية. والثالثة: الانتماء إلى أهل الصلاح المشهور والتقوى، قال الله تعالى: * (وكان أبوهما صالحا) *. قالا:
ولا عبرة بالانتساب إلى عظماء الدنيا والظلمة المستولين على الرقاب، وإن تفاخر الناس بهم. قال الرافعي: وكلام النقلة لا يساعدهما عليه في عظماء الدنيا. قال في المهمات: وكيف لا يعتبر الانتساب إليهم وأقل مراتب الامرة أي ونحوها أن تكون كالحرفة، وذو الحرفة الدنيئة لا يكافئ النفيسة.
فرع: المحجور عليه بسفه هل هو كفء للرشيدة أو لا، لأنها تتضرر غالبا بالحجر على الزوج؟ فيه نظر، قاله الزركشي.
والأوجه كما قال شيخنا الثاني. وقد جمع بعضهم خصال الكفاءة في بيت فقال:
نسب ودين صنعة حرية فقد العيوب وفي اليسار تردد (و) الأصح (أن بعض الخصال) المعتبرة في الكفاءة (لا يقابل ببعض) أي لا تجبر نقيصة بفضيلة، فلا تزوج حرة عجمية برقيق عربي، ولا سليمة من العيوب دنيئة بمعيب نسيب، ولا حرة فاسقة بعبد عفيف، (وليس له) أي الأب (تزويج ابنه الصغير أمة) لانتفاء خوف العنت المعتبر في نكاحها، بخلاف المجنون يجوز تزويجه بها بشرطه (وكذا معيبة) بعيب يثبت الخيار كالبرصاء لا يزوجه بها (على المذهب) لأنه خلاف الغبطة. وفي قول: يصح ويثبت له الخيار إذا بلغ. وقطع بعضهم بالبطلان في تزويجه الرتقاء والقرناء، لأنه بذل مال في بضع لا ينتفع به، بخلاف تزويج الصغيرة مجبوبا. وإن زوج المجنون أو الصغير عجوزا، أو عمياء، أو قطعاء أو الصغيرة بهرم، أو أعمى أو أقطع فوجهان صحح منهما البلقيني وغيره عدم الصحة في صورة المجنون والصغير ونقلوه عن نص الأم، لأنه إنما يزوجهما بالمصلحة ولا مصلحة لهما في ذلك بل فيه ضرر عليهما. وقضية كلام الجمهور في الكلام على الكفاءة تصحيح الصحة في صورة الصغيرة، لأن وليها إنما يزوجها بالاجبار من الكفء وكل من هؤلاء كفء، فالمأخذ في هذه وما قبلها مختلف، وهذا هو الظاهر كما مرت الإشارة إلى بعضه، لكن ينبغي أن يحرم عليه ذلك كما يؤخذ مما مر في شروط الاجبار. (ويجوز) للأب أن يزوج الصغير (من لا تكافئه بباقي الخصال) المعتبرة في الكفاءة كنسب وحرفة، لأن الرجل لا يعير بافتراش من لا تكافئه. نعم يثبت الخيار إذا بلغ كما اقتضاه كلام الشرح والروضة هنا، وإن نازع في ذلك الأذرعي، فقد صرحا به أول الخيار حيث قالا: ولو زوج الصغير من لا تكافئه وصححناه فله الخيار إذا بلغ. والثاني: لا يصح ذلك، لأنه قد لا يكون فيه غبطة.
فصل: في تزويج المحجور عليه: (لا يزوج) على المذهب المنصوص وقول الجمهور (مجنون) ولا مختل وهو من في عقله خلل. قال في البحر: ولا مبرسم، (صغير) لأنه لا يحتاج إليه في الحال وبعد البلوغ لا يدرى كيف الامر بخلاف الصغير العاقل كما سيأتي، فإن الظاهر حاجته إليه بعد البلوغ. (وكذا) لا يزوج مجنون ومختل ومبرسم (كبير) أطبق جنونه، ثم استثنى منه قوله: (إلا لحاجة) للنكاح حاصلة حالا، كأن تظهر رغبته في النساء بدورانه حولهن وتعلقه بهن، أو مآلا كتوقع شفائه باستفراغ مائة بعد شهادة عدلين من الأطباء بذلك، أو بأن يحتاج إلى من يخدمه ويتعهد ولا يجد في محارمه من يحصل به ذلك. وتكون مؤنة النكاح أخف من ثمن جارية، وتقدم استشكال الرافعي والجواب عنه. (فواحدة) بالنصب: أي يزوجه الأب، ثم الجد، ثم السلطان دون سائر العصبات كولاية المال واحدة، ويجوز الرفع أي فواحدة يتزوجها.
تنبيه: ظاهر كلام الروضة أن الوصي لا يزوجه. قال البلقيني: ويعضده نص الأم، لكن في الشامل في الوصايا ما يقتضي أن يزوجه والسفيه عند حاجتهما، قال: وهو الأقرب في الفقه، لأنه ولي المال، والأوجه الأول. وإنما وجب الاقتصار على واحدة لاندفاع الحاجة بها. فإن لم تعفه المرأة الواحدة زيد ما يحصل به الاعفاف، كما قاله الأسنوي، وأشار