لأن حجة البينة أقوى من حجة اللعان.
فصل: في المقصود الأصلي من اللعان وهو نفي النسب، كما قال: (له) أي الزوج (اللعان لنفي ولد) ولو من وطئ شبهة أو نكاح فاسد، (وإن عفت) أي الزوجة (عن الحد) أو أقام بينة بزناها، (و) إن (زال النكاح) بطلاق أو غيره للحاجة إليه، لأن نفي النسب آكد من درء الحد.
تنبيه: قضية قوله: له أن لا يجب وإن علم أنه ليس منه، وليس مرادا بل يجب في هذه الحالة كما علم مما مر. (و) له اللعان أيضا (لدفع حد القذف) عنه، (وإن زال النكاح ولا ولد) هناك لحاجته إليه.
تنبيه: قضية أيضا أنه لا يجب في هذه الحالة، وبه صرح الماوردي، ولكن الذي صرح به ابن عبد السلام في القواعد وهو أقعد الوجوب دفعا للحد والفسق عنه. وهل وجب الحد في هذه الحالة على الملاعن ثم سقط باللعان أو لم يجب أصلا؟ احتمالان للإمام، والأول أوجه. (و) له اللعان أيضا (لتعزيره) أي دفع تعزير القذف الواجب على القاذف كقذف زوجته الأمة أو الذمية وصغيرة يمكن جماعها، لأنه غرض صحيح. ويسمى هذا تعزير تكذيب أيضا، ولا يستوفي إلا بطلب المقذوف. (لا تعزير تأديب لكذب) معلوم، (كقذف طفلة لا توطأ) أي لا يمكن وطؤها، فإنه لا يلاعن لاسقاطه، وإن بلغت وطالبته للعلم بكذبه فلم يلحق بها عارا، بل يعزر تأديبا على الكذب حتى لا يعود للايذاء.
ومثل ذلك ما لو قال: زنى بك ممسوح أو ابن شهر مثلا، أو قال لرتقاء أو قرناء: زنيت فإنه يعزر للايذاء ولا يلاعن. وهذا ظاهر إذا صرح بالفرج، فإن أطلق فينبغي أن يسئل عند دعواها عن إرادته، فإن وطأها في الدبر ممكن فيلحق العار بها، ويترتب على جوابه حكمه.
تنبيه: اقتصار المصنف على هذا الاستثناء يقتضي أنه لو قذفها بزنا ثبت بالبينة أو بإقرارها أنه يلاعن لاسقاط تعزيره، والأظهر أنه لا يلاعن لأن اللعان لاظهار الصدق وهو ظاهر، فلا معنى له، ولان التعزير فيه للسبب والإيذاء فأشبه التعزير بقذف صغيرة لا توطأ. (ولو) قذف زوجته و (عفت عن الحد) أو التعزير، (أو أقام بينة بزناها أو صدقته) عليه (ولا ولد) ولا حمل في الصور الثلاث ينفيه، (أو سكتت عن طلب الحد) أو التعزير ولم تعف، (أو) قذفها و (جنت بعد قذفه) أو قذفها مجنونة بزنا مضاف للإفاقة ولا ولد أيضا في مسألة السكوت وما بعدها، وإن أوهم توسط قوله ولا ولد بين المعطوفات خلافه، (فلا لعان) في جميع ذلك (في الأصح) لعدم الحاجة إليه، لسقوط الحد في الصور الثلاث الأول، ولانتفاء طلبه في الباقي. والثاني: له اللعان في ذلك لغرض الفرقة المؤبدة، والانتقام منها بإيجاب حد الزنا عليها. ويستوفي من المجنونة بعد إفاقتها إن لم تلاعن، أما إذا كان هناك ولد فإن له اللعان لنفيه قطعا.
تنبيه: كلامهم يفهم تساوي الكل في عدم اللعان، وليس مرادا، بل هو في الثلاث الأول مطلق، وفيما عداها مقيد بالنفي في الحال خاصة، فلو طالبت من سكتت أو المجنونة بعد كمالها لاعن. (ولو أبانها) بثلاث أو دونها. ولو عبر ببانت لشمل ما لو انقضت عدة رجعية، أو حصل انفساخ، (أو ماتت ثم قذفها) فإن قذفها (بزنا مطلق أو مضاف إلى ما) أي زمن (بعد النكاح، لاعن إن كان ولد يلحقه) بحكم النكاح يريد نفيه للحاجة إلى النفي كما في صلب النكاح وتسقط عنه العقوبة بلعانه ويجب به على البائن عقوبة الزنا حيث كان مضافا لحالة النكاح بخلاف المطلق، ويسقط عنها بلعانها.
تنبيه: أفهم كلامه أنه إذا لم يكن ولد يلحقه لا لعان، وهو الصحيح، لأنه كالأجنبي، ولأنه لا ضرورة إلى القذف حينئذ فيحد به. وأفهم أنه لا يلاعن للحمل قبل انفصاله، وهو الأظهر في الشرح الصغير، والذي نقله في