المغزى اه. وما وجه به هو المراد وهو ظاهر. (و) يهيأ لهما (ما) أي مركوب (ينقل عليه) كل منهما (الزاد ومتاعه) لحاجته إليه، (إلا أن يكون) متاعه (قدرا يعتاد مثله حمله بنفسه) فلا، لانتفاء الحاجة.
تنبيه: أفهم سياق كلام المصنف استرداد المركوب وما ينقل عليه الزاد والمتاع إذا رجعا، وهو كذلك. وقضية إطلاقه التهيئة لابن السبيل ولو كان سفره للنزهة، قال الزركشي: وهو بعيد، والمتجه منع صرف الزكاة فيما لا ضرورة إليه اه.
وينبغي حمل هذا على ما إذا كانت النزهة هي الحاملة له على السفر. وسكت المصنف عن إعطاء المؤلفة والعامل، أما المؤلفة فيعطيهم الإمام بحسب ما يراه أو المالك إن فرق على قولنا إنه يعطي المؤلفة وهو الراجح، وأما العامل فيستحق من الزكاة أجرة مثل ما عمله، فإن شاء بعثه الإمام بلا شرط ثم أعطاه إياه، وإن شاء سماها له إجارة أو جعالة ثم أداه من الزكاة، فإن أداها المالك قبل قدوم العامل أو حملها إلى الإمام أو نائبه فلا شئ له. وليس للإمام أن يستأجره بأكثر من أجرة مثله، فإن زاد عليها بطلت الإجارة لتصرفه بغير المصلحة والزائد من سهم العامل على أجرته يرجع للأصناف، وإن نقص سهمه عنها كمل قدرها من الزكاة ثم قسم الباقي، وإن رأى الإمام أن يجعل أجرة العامل من بيت المال إجارة أو جعالة جاز وبطل سهمه، فتقسم الزكاة على بقية الأصناف كما لو لم يكن عامل.
فرع: قال الدارمي: إنما يجوز أن يعطى العامل إذا لم يوجد متطوع، نقله الأذرعي عنه وأقره، وهو يقتضي أن من عمل متبرعا لا يستحق شيئا على القاعدة، وهو ما جزم به ابن الرفعة ورده السبكي بأن هذا فرضه الله تعالى لمن عمل كالغنيمة يستحقها المجاهد وإن لم يقصد إلا إعلاء كلمة الله تعالى، فإذا عمل على أن لا يأخذ شيئا استحق وإسقاطه بعد العمل لما ملكه به لا يصح إلا بما ينقل الملك من هبة أو نحوها، وليس كمن عمل لغيره عملا بقصد التبرع حتى يقال إن القاعدة أنه لا يستحق لأن ذلك فيما يحتاج إلى شرط من المخلوق، وهذا من الله تعالى كالميراث والغنيمة والفئ. (ومن فيه صفتا استحقاق) الزكاة كالفقر والغرم ولو كان عاملا فقيرا، (يعطى بإحداهما فقط في الأظهر) لأن العطف في الآية يقتضي التغاير. والثاني:
يعطى بها لاتصافه بهما.
تنبيه: محل الخلاف إذا كان من زكاة واحدة، أما إذا كان أخذ من زكاة بصفة ومن أخرى بصفة أخرى فهو جائز. ولو أخذ فقير غارم مع الغارمين نصيبه من سهمهم فأعطاه غريمه أعطي مع الفقراء نصيبه من سهمهم لأنه الآن محتاج كما نقله في الروضة عن الشيخ نصر وأقره. قال الزركشي: فالمراد امتناع أخذه بهما دفعه، أي أو مرتبا، ولم يتصرف فيما أخذه أولا كما قاله شيخنا. أما من فيه صفتا استحقاق للفئ، أي وإحداهما الغزو كغاز هاشمي، فيعطى بهما.
فصل: في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها: (يجب استيعاب) أي تعميم (الأصناف) الثمانية بالزكاة حتى زكاة الفطر (إن) أمكن، بأن (قسم الإمام) أو نائبه (وهناك عامل) مع بقية الأصناف، ولم يجعل له الإمام شيئا من بيت المال، ولو قسم العامل كان الحكم كذلك فيعزل حقه ثم يفرق الباقي على سبعة. وإنما وجب التعميم لظاهر الآية. ولقوله (ص) لسائلة الزكاة: إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم هو فيها فجزأها ثمانية أجزاء، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك رواه أبو داود. فإن شقت القسمة في زكاة الفطر جمع جماعة فطرتهم ثم قسموها على سبعة. واختار جماعة من أصحابنا منهم الإصطخري جواز صرفها إلى ثلاثة من المستحقين، واختاره السبكي. وحكى الرافعي عن اختيار صاحب التنبيه جواز صرفها إلى واحد، قال في البحر: وأنا أفتي به. قال الأذرعي: وعليه العمل في الأعصار والأمصار، وهو المختار، والأحوط دفعها إلى ثلاثة.