مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٢٠١
فصل: في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت، أو ارتدت مع زوجها، أو تخلف أحدهما عن الآخر: إذا (أسلما) أي الزوجان (معا) قبل دخول أو بعده، (استمرت النفقة) وغيرها من بقية المؤن لدوام النكاح والتمكين. (ولو أسلم) هو (وأصرت) وهي غير كتابية كما في المحرر والروضة كأصلها، (حتى انقضت العدة فلا) نفقة لها ولا شئ من بقية المؤن لاساءتها بتخلفها عن الاسلام، فهي كناشزة. وقيل: تجب، لأن المنع من جهته فهو كما لو حج، ورد بأن الاسلام فرض مضيق عليه بخلاف الحج. أما الكتابية فلها النفقة قطعا إذا كان يحل له ابتداء نكاحها وإلا فهي كغيرها من الكافرات. (وإن أسلمت فيها) أي العدة (لم تستحق لمدة التخلف) شيئا (في الجديد) لما مر، والقديم الوجوب، لأنه تبين بالآخر أنها كانت زوجة وهي لم تحدث شيئا والزوج هو الذي بدل الدين. قال الزركشي: ولم يفصلوا بين أن يكون التخلف لعذر أم لا، وينبغي إذا تخلفت لصغر أو جنون أو إغماء ثم أسلمت عقب زوال المانع أن تستحق، وتعليلهم يرشد إليه اه‍. ورد هذا البحث وإن كان للتعليل يرشد إليه بأنها تسقط بعدم التمكين وإن لم يكن نشوز ولا تقصير من الزوجة كما تسقط بحبسها ظلما.
تنبيه: لو اختلفا في سبق الاسلام فقال الزوج: أسلمت أولا فلا نفقة لك وقالت: بل أسلمت أولا فلي النفقة صدقت بيمينها، لأن النفقة كانت واجبة فهو يدعي مسقطا، فأشبه ما إذا ادعى عليها النشوز وهي تنكره. (ولو أسلمت) هي (أولا فأسلم) هو (في العدة) فلها نفقة مدة تخلفه، (أو أصر) إلى انقضاء العدة (فلها نفقة العدة على الصحيح) أما في الأولى فلأنها أدت فرضا مضيقا عليها فلا يمنع النفقة كصوم رمضان، وأما في الثانية فلأنها أحسنت وهو قادر على تقرير النكاح بأن يسلم فجعلت كالرجعية. وقضية هذا عدم استمرار وجوب النفقة فيما لو تخلف إسلامه لعذر من صغر أو جنون أو إغماء ودام به المانع حتى انقضت العدة، وهو البحث المتقدم، وبحثه الزركشي أيضا، وليس مرادا، بل تعليلهم بذلك جرى على الغالب. والثاني: لا تستحق فيهما. أما في الأولى فلانه استمر على دينه، وهي التي أحدثت المانع من الاستمتاع وإن أطاعت به كالحج، ورد بأن الحج موسع والاسلام مضيق. وأما في الثانية فلأنها بائن حائل ولهذا لو طلقها لم يقع الطلاق. وفرق المتولي بين هذه وبين ما إذا سبقت إلى الاسلام قبل الدخول حيث يسقط مهرها مع إحسانها بأن المهر عوض العقد فسقط بتفويت العاقد معوضه وإن كان معذورا كأكل البائع المبيع مضطرا والنفقة للتمكين، وإنما تسقط للتعدي ولا تعدي هنا. (وإن ارتدت) زوجة وحدها، (فلا نفقة) لها زمن الردة (وإن أسلمت في العدة) لأنها كالناشزة بالردة بل أولى، وتستحق من وقت الاسلام في العدة (وإن ارتد) الزوج وحده (فلها) عليه ( نفقة العدة) لأن المانع من جهته. ولو ارتدا معا فلا نفقة لها لما مر، وبحث الرافعي أنه يجئ فيه الخلاف في تشطير المهر بردتهما قبل الدخول وأقره المصنف، ولكن لا يلزم من جريان الخلاف الاتحاد في الترجيح. ولو ارتدت فغاب ثم أسلمت وهو غائب استحقت النفقة من حين إسلامها. فإن قيل: الردة أولى من النشوز كما مر، وهي لو نشزت فغاب ثم عادت إلى الطاعة وهو غائب لم تستحق النفقة حتى يصل الخبر إليه ويمضي زمان لو سافر إليها لامكنه الوصول، فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن سقوط النفقة بالردة زال بالاسلام وسقوطها بالنشوز للمنع من الاستمتاع والخروج من قبضته، وذلك لا يزول مع الغيبة كما ذكره البغوي في تهذيبه.
خاتمة: لو اختلفا في السابق بالاسلام قبل الدخول فادعت سبق الزوج به ليثبت لها نصف المهر وعكس هو فالقول قولها بيمينها لأن الأصل بقاء نصف المهر، فإن ادعى الزوج سبقها فقالت: لا أعرف السابق منا لم تطالبه بشئ من المهر، فإن ادعت بعد قولها ذلك علمها بسبق إسلامه صدقت بيمينها وأخذت النصف، وإن جعل السبق والمعية باعترافهما فالنكاح باق لأن الأصل بقاؤه. وإن جهل السابق منهما فلا نكاح بينهما لاتفاقهما على تعاقب الاسلام قبل الدخول
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460