هنا. (ولو قال: يا طالق إن شاء الله) أو: أنت طالق ثلاثا يا طالق إن شاء الله، (وقع) طلقة (في الأصح) نظرا لصورة النداء المشعر بحصول الطلاق حالته، والحاصل لا يعلق، بخلاف: أنت طالق فإنه كما قال الرافعي قد يستعمل عند القرب منه وتوقع الحصول كما يقال للقريب من الوصول: أنت واصل، وللمريض المتوقع شفاؤه قريبا: أنت صحيح، فينتظم الاستثناء في مثله، ومثل ذلك ما لو قال: أنت طالق ثلاثا يا زانية إن شاء الله فإنها لا تطلق لرجوع الاستثناء إلى الطلاق خاصة، ويحد بقوله: يا زانية، ولا يضر تخلل يا طالق في الأول ولا يا زانية في الثاني لأنه ليس أجنبيا عن المخاطبة، فأشبه قوله: أنت طالق ثلاثا يا حفصة إن شاء الله. ولو قال: أنت طالق أنت طالق إن شاء الله قاصدا التوكيد لم تطلق، كما لو قال: أنت طالق إن شاء الله (أو قال: أنت طالق إلا أن يشاء الله تعالى) طلاقك، (فلا) يقع (في الأصح) لأن معناه: إلا أن يشاء الله عدم تطليقك، فلا يقع شئ لأن المشيئة لا اطلاع لنا عليها. والثاني: يقع، لأنه أوقعه وجعل المخلص عنه المشيئة، وهي غير معلومة فلا يحصل الخلاص.
تتمة: لو قال: أنت طالق واحدة وثلاثا أو ثنتين إن شاء الله طلقت واحدة لاختصاص التعليق بالمشيئة بالأخير كما في الاستثناء المستغرق كما مر، وقوله: أنت طالق ثلاثا وواحدة إن شاء الله يقع ثلاثا كذلك. ولو قال: أنت طالق واحدة ثلاثا أو ثلاثا ثلاثا إن شاء الله لم تطلق لعود المشيئة إلى الجميع لحذف العاطف. ولو قال: حفصة طالق وعمرة طالق إن شاء الله ولم ينو عود الاستثناء إلى كل من المتعاطفين طلقت حفصة دون عمرة لما مر، بخلاف قوله: حفصة وعمرة طالقتان إن شاء الله لا تطلق واحدة منهما. ولو قال: أنت طالق إن شاء زيد فمات زيد أو جن قبل المشيئة لم تطلق لعدم المشيئة، وإن خرس فأشار طلقت لأنه عند بيان المشيئة من أهل الإشارة والاعتبار بحال البيان، ولهذا لو كان عند التعليق أخرس ثم نطق كانت مشيئته بالنطق. ولو علق بمشيئة الملائكة لم تطلق، إذ لهم مشيئة ولم يعلم حصولها، وكذا إن علق بمشيئة بهيمة لأنه تعليق بمستحيل. ولو قال: أنت طالق إن لم يشأ زيد ولم توجد المشيئة في الحياة طلقت قبيل الموت، أو قبيل جنون اتصل بالموت لتحقق عدم المشيئة حينئذ، وإن مات زيد وشك في مشيئته لم تطلق للشك في الصفة الموجبة للطلاق. ولو قال:
أنت طالق إن لم يشأ زيد اليوم ولم يشأ فيه طلقت قبيل الغروب، لأن اليوم هنا كالعمر فيما مر.
فصل: في الشك في الطلاق. وهو كما سيأتي على ثلاثة أقسام: شك في أصله، وشك في عدده، وشك في محله.
وهذا كمن طلق معينة ثم نسيها، إذا (شك) أي تردد برجحان أو غيره (في) وقوع (طلاق) منه أو في وجود الصفة المعلق بها. كقوله: إن كان هذا الطائر غرابا فأنت طالق وشك هل كان غرابا أو لا، (فلا) نحكم بوقوعه، قال المحاملي:
بالاجماع، لأن الأصل عدم الطلاق وبقاء النكاح. (أو) لم يشك في طلاق بل تحقق وقوعه، ولكن شك (في عدد) منه هل طلق طلقة أو أكثر، (فالأقل) يأخذ به، (ولا يخفي الورع) في الصورتين وهو الاخذ بالأسوأ، لخبر:
دع ما يريبك إلى ما لا يريبك رواه الترمذي وصححه. ففي الأولى يراجع إن كان له الرجعة، وإلا فيجدد نكاحها إن كان له فيها رغبة. وإلا فلينجز طلاقها لتحل لغيره يقينا. وفي الثانية إن شك في أنه طلق ثلاثا أم ثنتين لم ينكحها حتى تنكح زوجا غيره، ولو شك. هل طلق ثلاثا أو لم يطلق شيئا طلقها ثلاثا، قال الرافعي: لتحل لغيره يقينا اه. وهذا ليس بظاهر فإنها تحل لغيره يقينا في الصورة الثانية بأي شئ أوقعه ولو طلقة. نعم فائدة إيقاع الثلاث أنه لو تزوجها بعد دخول الثاني بها وتطليقه إياها ملك عليها الثلاث بيقين. (ولو) علق اثنان بنقيضين، كأن (قال: إن كان ذا الطائر غرابا) مثلا (فأنت طالق. وقال آخر: إن لم يكنه فامرأتي طالق، وجهل) الحال في الطائر، (ولم يحكم بطلاق أحد)