فهي طالق فظاهره المكافأة فتطلق حالا إن لم يقصد التعليق.
فروع: لو قالت لزوجها المسلم: أنت من أهل النار فقال لها: إن كنت من النار فأنت طالق لم تطلق لأنه من أهل الجنة ظاهرا، فإن ارتد ومات مرتدا بأن وقوع الطلاق. فإن قالت ذلك لزوجها الكافر فقال لها ذلك، طلقت لأنه من أهل النار ظاهرا فإن أسلم بأن عدم الطلاق، فإن قصد الزوج في الصورتين المكافأة طلقت في الحال. ولو قال المسلم: إن لم أكن من أهل الجنة فأنت طالق لم تطلق إن مات مسلما وإن أذنب وإلا تبين وقوعه. ولو حلف شافعي وحنفي كل منهما أن إمامه أفضل من الآخر لم يحنث تشبيها بمسألة الغراب، ولان كلا من الإمامين قد يعلم ما لا يعلمه الآخر.
ولو حلف سني إن أبا بكر أفضل من علي وعكس الرافضي حنث لقيام الأدلة على أفضلية أبي بكر. ولو حلف السني أن الخير والشر من الله تعالى، وحلف المعتزلي أنهما من العبد حنث لقيام الأدلة أنهما من الله. وسئل بعضهم عن الحنبلي يقول: إن لم يكن الله على العرش فامرأتي طالق، وعكس الأشعري فقال: أراد الحنبلي المعني الذي ورد به القرآن لم تطلق امرأته.
خاتمة: لو قال لزوجته: إن أبرأتني من دينك فأنت طالق فابرأت براءة صحيحة وقع الطلاق بائنا، بخلاف ما لو قال لغيرها: إن أبرأتني من دينك فزوجتي طالق فابرأته براءة صحيحة وفع الطلاق رجعيا لأنه تعليق محض، ولو قال لزوجته:
إن فعلت معصية فأنت طالق لم تطلق بترك الطاعة كالصوم والصلاة لأنه ترك وليس بفعل. ولو وطئ زوجته ظانا أنها أمته، فقال: إن لم تكوني أحلى من زوجتي فأنت طالق طلقت في أحد وجهين يظهر ترجيحه تبعا لميل الأسنوي له لوجود الصفة لأنها هي الزوجة فلا تكون أحلى من نفسها، والوجه الثاني أنها لا تطلق لظنه أنه يخاطب غيرها. ولو قال:
إن وطئت أمتي بغير إذن زوجتي فهي طالق فاستأذنها فقالت له: طأها في عينها لم يكن إذنا، قال الأذرعي: إلا إن دل الحال على الاذن في الوطئ كان إذنا وقولها عينها يكون توسعا له في الاذن لا تخصيصا. ولو قال لزوجته: إن دخلت البيت ووجدت فيه شئ من متاعك ولم أكسره على رأسك فأنت طالق فوجد في البيت هاونا لم تطلق كما جزم به الخوارزمي ورجحه الزركشي للاستحالة، وقيل: تطلق قبل موته أو موتها لليأس. ولو قال لها: إن غسلت ثوبي فأنت طالق فغسله غيرها ثم غمسته هي في الماء تنظيفا له لم تطلق، لأن الغرض في مثل ذلك الغسل بالصابون ونحوه كالأشنان وإزالة الوسخ. ولو قال لها: إن قبلت ضرتك فأنت طالق فقبلها ميتة لم تطلق، بخلاف تعليقه بتقبيل أمه فإنها تطلق بتقبيلها ميتة إذ قبلة الزوجة قبلة شهوة ولا شهوة بعد الموت، والام لا فرق فيها بين الموت والحياة لأن قبلتها قبلة شفقة وكرامة. أكرمنا الله سبحانه وتعالى وجميع أهلنا ومشايخنا وأصحابنا بالنظر إلى وجهه الكريم.
كتاب الرجعة بفتح الراء أفصح من كسرها عند الجوهري والكسر أكثر عند الأزهري. وهي لغة: المرة من الرجوع، وشرعا: رد المرأة إلى النكاح من طلاق غير بائن في العدة على وجه مخصوص كما يؤخذ مما سيأتي. والأصل فيها قبل الاجماع قوله تعالى: * (وبعولتهن أحق بردهن في ذلك) * أي في العدة * (إن أرادوا إصلاحا) * أي رجعة، كما قاله الشافعي رضي الله تعالى عنه، وقوله تعالى: * (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) * والرد والامساك مفسرا بأنه الرجعة، وقوله (ص): أتاني جبريل فقال راجع حفصة فإنها صوامة قوامة وإنها زوجتك في الجنة رواه أبو داود وغيره بإسناد حسن، وقوله (ص) لعمر: مره فليراجعها كما مر. وأركانها ثلاثة: مرتجع وصيغة وزوجة، فأما الطلاق فهو سبب لا ركن من أركانها. وقد شرع في بيان الركن الأول فقال: و (شرط المرتجع أهلية