التهمة، بخلاف ما لو ماتتا قبله. ولو مات بعدهما فبين الوارث واحدة فلورثة الأخرى تحليفه أنه لا يعلم أن الزوج طلق مورثتهم. ثم شرع في الابهام بين الطلاق والعتق بقوله: (ولو قال: إن كان) هذا الطائر (غرابا فامرأتي طالق وإلا) بأن لم يكنه (فعبدي حر، وجهل) حال الطائر وصدقاه أو كذباه وحلف، (منع منهما) أي من الاستمتاع بالزوجة والاستخدام بالعبد والتصرف فيه لزوال ملكه عن أحدهما، فأشبه طلاق إحدى زوجتيه، (إلى البيان) لتوقعه وعليه نفقة الزوجة، وكذا العبد حيث لا كسب له. ولو اعترف بطلاق الزوجة فإن صدقه العبد فذاك ولا يمين عليه، وإن كذبه وادعى العتق صدق السيد بيمينه، فإن نكل حلف العبد وحكم بعتقه والطلاق. وإن اعترف بالعتق فإن صدقته المرأة فلا يمين، وإن كذبته حلف، فإن نكل حلفت وحكم بطلاقها والعتق. (فإن مات) قبل بيانه (لم يقبل بيان الوارث على المذهب) للتهمة في أخباره بالحنث في الطلاق ليرق العبد ويسقط إرث الزوجة. والطريق الثاني فيه قولا الطلاق المبهم بين الزوجين.
تنبيه: قال السرخسي: محل الخلاف ما إذا قال الوارث حنث في الزوجة: فإن عكس قبل قطعا لاضراره بنفسه.
قال الرافعي: وهو حسن. زاد في الروضة: قد قال به غير السرخسي وهو متعين. قال البلقيني: ليس ما قاله السرخسي متعينا فإن القرعة داخلة وللعبد بها حق في العتق وللميت حق في رقه إذا كان عليه دين فيوفي منه، فلا يقبل قول الوارث.
والحال ما ذكر، فإن لم يكن هناك ما يمنع من ذلك تعين ما قاله السرخسي وغيره. ثم قرع المصنف على المذهب قوله:
(بل يقرع بين العبد والمرأة) فلعل القرعة تخرج على العبد فإنها مؤثرة في العتق دون الطلاق، (فإن قرع) العبد بأن خرجت القرعة له (عتق) من رأس المال إن كان التعليق في الصحة، وإلا فمن الثلث إذ هو فائدة القرعة، وترث المرأة إلا إذا ادعت الحنث فيها والطلاق بائن. (أو قرعت) أي المرأة بأن خرجت القرعة لها، (لم تطلق) إذ لا مدخل لها في الطلاق، بدليل ما لو طلق إحدى امرأتيه لا تدخل القرعة، بخلاف العتق فإن النص ورد بها فيه، ولكن الورع أن يترك الميراث للورثة.
(والأصح أنه) أي العبد (لا يرق) بفتح أوله وكسر ثانية بخطه، وصحح عليه، بل يبقى على إبهامه لأن القرعة لم تؤثر فيما خرجت عليه ففي غيره أولى. والثاني: يرق، لأن القرعة تعمل في العتق والرق، فكما يعتق إذا خرجت عليه يرق إذا خرجت على عديله. وأجاب الأول بأنها لم تؤثر في عديله فلا تؤثر فيه.
فصل: في الطلاق السني وغيره: وفيه اصطلاحان، أحدهما وهو أضبط: ينقسم إلى سني وبدعي، وجرى عليه المصنف حيث قال: (الطلاق سني وبدعي) وثانيهما، وهو أشهر: ينقسم إلى سني وبدعي، ولا ولا، فإن طلاق الصغيرة والآيسة والمختلعة والتي استبان حملها منه وغير المدخول بها لا سنة فيه ولا بدعة.
تنبيه: قسم جمع الطلاق إلى واجب كطلاق المولي وطلاق الحكمين في الشقاق إذا رأياه، ومندوب كطلاق زوجة حالها غير مستقيم كسيئة الخلق أو كانت غير عفيفة. ومكروه كمستقيمة الحال. وأشار الإمام إلى المباح بطلاق من لا يهواها ولا تسمح نفسه، بمؤونتها من غير استمتاع بها. وحرام كطلاق البدعي كما قال: (ويحرم البدعي) لحصول الضرر به كما سيأتي. (وهو ضربان) أحدهما: (طلاق) من شخص (في حيض ممسوسة) أي موطوءة ولو في الدبر، ومثلها من استدخلت ماءه المحترم بالاجماع كما نقله الماوردي، قال شيخنا: ولو في عدة طلاق رجعي، وهي تعتد بالأقراء. وهذه الغاية إنما تأتي على رأي مرجوح، وهو أن الرجعية تستأنف، أما على المعتمد فلا، لأنه لا تطويل عليها، نبه على ذلك البكري في حاشيته. وحرمة هذا لمخالفته لقوله تعالى: * (فطلقوهن