والبغوي ومال إليه السبكي: (إن اتحد المجلس فمهر) فقط (وإلا) بأن لم يتحد (فمهور، والله أعلم) لانقطاع كل مجلس عن الآخر. أما إذا أحبل الأب جارية ولده بالوطئ الأول ولم تكن مستولدة للابن فلا يتعدد المهر بلا خلاف، لأنه إذا أحبلها تصير مستولدة له فتكرر الوطئ إنما وقع في ملكه، بل إذا أنزل قبل دخول الحشفة في الوطئ الأول لا مهر عليه أصلا، لأنه إنما وطئها وهي في ملكه، وإن أحبل السيد المكاتبة تخيرت بين المهر والتعجيز، وتصير حينئذ أم ولد، فإن اختارت المهر فوطئها مرة ثانية خيرت، فإن اختارت المهر وجب مهر آخر، وكذا سائر الوطئات، نص عليه الشافعي، حكاه في المهمات وقال هي فائدة مهمة.
تنبيه: حيث اتحد المهر عند تعدد الوطئات روعي أعلى أحوالها.
فصل: فيما يسقط المهر، وما يشطره وما يذكر معهما. (الفرقة) في الحياة (قبل وطئ منها) هو متعلق بالفرقة أي الفرقة الحاصلة من جهة الزوجة قبل الدخول بها، كإسلامها بنفسها، أو بالتبعية كإسلام أحد أبويها كما جزم به الرافعي في باب المتعة، أو فسخها بعيبه، أو بعتقها تحت رقيق، أو ردتها، أو رضاعها زوجة له صغيرة، (أو) لا من جهتها بل (بسببها كفسخه بعيبها تسقط المهر) المسمى ابتداء. والمفروض الصحيح ومهر المثل في كل ما ذكر، لأنها إن كانت هي الفاسخة، فهي المختارة للفرقة فكأنها أتلفت المعوض قبل التسليم فسقط العوض. كما لو أتلفت المبيع قبل التسليم، وإن كان هو الفاسخ بعينها فكأنها هي الفاسخة. فإن قيل: ينبغي إذا كان إسلامها تبعا لاسلام أحد أبويها أن المهر يجب عليه عليه لافساده نكاح غيره، كما يجب على المرضعة إذا أفسدت برضاعها النكاح. أجيب بأنه لو وجب عليه الغرم لنفر عن الاسلام بخلاف المرضعة، وأيضا المرضعة قد تأخذ أجرة رضاعها فينجبر ما تغرمه بخلاف المسلم.
تنبيه: قضية إطلاق الشيخين وغيرهما فسخه بعيبها أنه لا فرق بين المقارن للعقد والحادث، وهو كذلك، وإن قيده الماوردي بالمقارن وجعل الحادث كالطلاق. (وما لا) أي والتي لا يكون منها ولا بسببها، (كطلاق) وخلع ولو باختيارها كأن فوض الطلاق إليها فطلقت نفسها أو علقه بفعلها ففعلت، (وإسلامه) ولو تبعا، (وردته ولعانه وإرضاع أمه) لها، (أو) إرضاع (أمها) له، وهو صغير، (يشطره) أي بنصف المهر، أما في الطلاق فلآية: * (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) *.
وأما الباقي فبالقياس عليه.
تنبيهات: الأول قوله: كطلاق، قال الأذرعي: يدخل فيه البائن والرجعي اه. واعترض قوله: الرجعي بأن الكلام فيما قبل الدخول، وأجيب بتصور الرجعة باستدخالها المني. الثاني: في تعبيره بالارضاع دون الرضاع إشارة إلى اعتبار الفعل، فلو دبت زوجته الصغيرة وارتضعت أمه لم تستحق الشطر لانفساخه بفعلها. الثالث: ذكره الإمام مثال لا قيد، فلو أرضعت ابنته زوجة له صغيرة أو أرضعت بنت زوجة زوجا صغيرا لها كان الحكم كذلك. الرابع:
سكت عما لو ارتدا معا هل هو كردتها فلا يشطره أو كردته فيشطره؟ وجهان، صحح الأول الروياني والنسائي والأذرعي وغيرهم، وصحح الثاني المتولي والفارقي وابن أبي عصرون وغيرهم، وهو أوجه، وعبارة الرافعي في المتعة:
ولو ارتدا معا ففي وجوبها وجهان كالوجهين في التشطير، والأصح المنع. وفهم الزركشي أن التصحيح راجع للمسألتين، قال شيخنا: والظاهر رجوعه للمتعة فقط، ولهذا عبر القمولي بقوله: والأصح أنها لا تجب. فإن قيل: لم جعلتم عيبها كفسخها لكونه سبب الفسخ ولم تجعلوا عيبه كفسخه؟ أجيب بأن الزوج بذل العوض في مقابلة منافعها. فإن كانت معيبة فالفسخ من مقتضى العقد إذ لم يسلم له حقه والزوجة لم تبذل شيئا في مقابلة منافع الزوج والعوض الذي ملكته سليم، فكان مقتضاه أن لا فسخ لها، إلا أن الشارع أثبت لها الفسخ دفعا للضرر عنها، فإذا اختارته لزمها رد البدل كما لو ارتدت وشراؤها زوجها يسقط جميع المهر، قال الكمال بن أبي شريف: لأنه دين لم يقبضه والسيد لا يثبت له