مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٣٠٠
إذا دخلت الأولى طلقت الثانية قبل وطلقتا بدخولها، أو: أردت تعليق طلاق الثانية بدخولها نفسها كما في الأولى قبل وتعلق طلاق كل منهما بدخول نفسها، وإن أطلق فالظاهر حمله على هذا الأخير. (وكذا لو) طلق رجل زوجته، و (قال) رجل (آخر ذلك لامرأته) كقوله: أشركتك مع مطلقة هذا الرجل أو جعلتك شريكتها، فإن نوى طلاقها طلقت وإلا فلا لأنه كناية كما مر. وإن أشركها مع ثلاث طلقهن هو أو غيره ونوى وأراد أنها شريكة كل منهن طلقت ثلاثا، أو أنها مثل إحداهن طلقت واحدة، وكذا إن أطلق نية الطلاق ولم ينو واحدة ولا عددا لأن جعلها كإحداهن أسبق إلى الفهم وأظهر من تقدير توزيع كل طلقة. وإن أشركها مع امرأة طلقها هو أو غيره ثلاثا ونوى الشركة في عدد الطلاق طلقت طلقتين لأنه أشركها معها في ثلاث فيخصها طلقة ونصف وتكمل، وقيل: واحدة، لأنها المتيقنة، وقيل: ثلاث، لأنه أشركها معها في كل طلقة. أما إذا لم ينو ذلك فيقع واحدة كما جزم به صاحب الأنوار.
ولو أوقع بين ثلاث طلقة ثم أشرك الرابعة معهن وقع على الثلاث طلقة طلقة، وعلى الرابعة طلقتان، إذ يخصها بالشركة طلقة ونصف. ولو طلق إحدى نسائه الثلاث ثلاثا، ثم قال للثانية: أشركتك معها ثم للثالثة: أشركتك مع الثانية طلقت الثانية طلقتين لأن حصتها من الأولى طلقة ونصف، والثالثة طلقة لأن حصتها من الثانية طلقة.
تنبيه: ما ذكره المصنف فيما إذا علم طلاق التي شوركت، فإن لم يعلم كما لو قال: طلقت امرأتي مثل ما طلق زيد وهو لا يدري كم طلق زيد ونوى عدد طلاق زيد، فمقتضى كلام الرافعي أنه لا يقع، قاله الزركشي. ومراده العدد لا أصل الطلاق، وهو ظاهر.
فصل: في الاستثناء: (يصح الاستثناء) لوقوعه في القرآن والسنة وكلام العرب، وهو الاخراج بإلا أو إحدى أخواتها تحقيقا أو تقديرا، والأول: المتصل كقام القوم إلا زيدا، والثاني: المنقطع كعندي ثوب إلا درهما، وليس مرادا هنا وإطلاق الاستثناء عليه مجاز. ثم الاستثناء على ضربين: ضرب يرفع العدد لا أصل الطلاق كالاستثناء ب‍ إلا أو إحدى أخواتها، وضرب يرفع أصل الطلاق كالتعليق بالمشيئة، وهذا يسمى استثناء شرعيا لاشتهاره في عرف الشرع.
قال بعض المحققين: وسميت كلمة المشيئة استثناء لصرفها الكلام عن الجزاء والثبوت حالا من حيث التعليق بما لا يعلمه إلا الله. ثم شرع في الضرب الأول مبتدئا بشروطه، فقال: (بشرط اتصاله) أي لفظ المستثنى بالمستثنى منه عرفا بحيث يعد كلاما واحدا (ولا يضر) في الاتصال (سكتة تنفس وعي) أو تذكر أو انقطاع صوت، لأن ذلك لا يعد فاصلا، بخلاف الكلام الأجنبي ولو يسيرا، والاتصال هنا أبلغ من الاتصال بين الايجاب والقبول في البيع ونحوه، إذ يحتمل بين كلام اثنين ما لا يحتمل بين كلام واحد. (قلت: ويشترط أن ينوي الاستثناء) فلا يكفي التلفظ به من غير نية، ولا بد أن ينوي (قبل فراغ اليمين) لأن اليمين إنما تعتبر بتمامها، وهذا صادق بأن ينويه أولها أو آخرها أو ما بينهما (في الأصح، والله أعلم) فلا يشترط من أوله ولا يكفي بعد الفراغ. والثاني: يكفي بعده ورد بأنه لو كفى لزم عليه رفع الطلاق بعد وقوعه. ويشترط أيضا في التلفظ بالاستثناء إسماع نفسه عند اعتدال سمعه، فلا يكفي أن ينويه بقلبه ولا أن يتلفظ به من غير أن يسمع نفسه فإن ذلك لا يؤثر ظاهرا قطعا ولا يدين على المشهور. (ويشترط) أيضا (عدم استغراقه) المستثنى منه، فالمستغرق باطل بالاجماع كما قاله الإمام والآمدي، فلو قال: أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا لم يصح الاستثناء وطلقت ثلاثا.
تنبيه: أشعر كلامه بصحة استثناء الأكثر، كقوله: أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين، وهو كذلك، ولا يرد على بطلان المستغرق صحة لو أنت طالق إن شاء الله حيث رفعت المشيئة جميع ما أوقعه الحالف، وهو في معنى المستغرق، لأن هذا خرج بالنص فيبقى غيره على الأصل. ويصح تقديم المستثنى على المستثنى منه كانت إلا واحدة طالق ثلاثا،
(٣٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460