مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٢٨٥
الطلاق ببلوغ الكتاب، كقوله: (إذا بلغك كتابي) أو وصل إليك أو أتاك (فأنت طالق، فإنما تطلق ببلوغه) لها مكتوبا كله مراعاة للشرط، فإن انمحى كله قبل وصوله لم تطلق كما لو ضاع، ولو بقي أثره بعد المحو وأمكن قراءته طلقت. ولو ذهب سوابقه ولواحقه كالبسملة والحمدلة وبقيت مقاصده وقع، بخلاف ما لو ذهب موضع الطلاق أو انمحق، لأنه لم يبلغها جميع الكتاب ولا ما هو المقصود الأصلي منه.
تنبيه: احترز بقوله: كتب عما لو أمر أجنبيا فكتب لم تطلق، وإن نوى الزوج، كما لو أمر أجنبيا أن يقول لزوجته:
أنت بائن ونوى الزوج كما جزما به، خلافا للصيمري في قوله إنه لا فرق بين أن يكتب بيده وبين أن يملي على غيره. وبقوله:
طالق عما لو كتب كناية من كنايات الطلاق، كما لو كتب: زوجتي بائن، ونوى الطلاق، فإنه لا يقع كما اقتضاه كلام المهذب، لأن الكناية كناية، فلا تصح بكناية، إذ لا يكون للكناية كناية كما قاله بعض الشراح، وهو مردود بما تقدم عن الروضة وأصلها.
فرع: لو كتب: إذا بلغك نصف كتابي هذا فأنت طالق فبلغها كله طلقت كما قاله المصنف، فإن ادعت وصول كتابه بالطلاق فأنكر صدق بيمينه، فإن أقامت بينة بأنه خطه لم تسمع إلا برؤية الشاهد بكتابه وحفظه عنده لوقت الشهادة.
(وإن كتب إذا قرأت كتابي) فأنت طالق (وهي قارئة فقرأته، طلقت) لوجود المعلق عليه.
تنبيه: عبارته تقتضي أمرين: أحدهما اشتراط اللفظ به إذ القراءة تعطي ذلك، لكن نقل الإمام الاتفاق على أنها لو طالعته وفهمت ما فيه طلقت وإن لم تتلفظ بشئ. الثاني: اشتراط قراءة جميعه. والظاهر الاكتفاء بقراءة المقاصد كما بحثه الأذرعي، فحكم قراءة بعض الكتاب كوصول بعضه كما مر حكمه. (وإن قرئ عليها فلا) تطلق (في الأصح) لعدم قراءتها مع الامكان. والثاني: تطلق، لأن المقصود إطلاعها على ما في الكتاب وقد وجد فإن قيل: يشكل على الأول ما إذا كتب للقاضي من ولاه: إذا قرأت كتابي فأنت معزول وهو قارئ فقرئ عليه فإنه ينعزل، فهلا سوى بينهما كما صوبه الأسنوي أجيب بأن عادة الحكام قراءة الكتب عليهم، والمقصود إعلامه بالحال، وليس المراد تعليق العزل، لأن العزل لا يجوز تعليقه فلم يبق إلا مجرد العلم بالعزل وهو حاصل بقراءة غيره عليه وأما الطلاق فيقبل التعليق وإنما يتحقق وقوعه بوجود الصفة. (وإن لم تكن قارئة) أي والزوج يعلم ذلك (فقرئ عليها طلقت) لأن القراءة في حق الأمي محمولة على الاطلاع على ما في الكتاب وقد وجد بخلاف القارئة، أما إذا لم يعلم الزوج حالها فإنها لا تطلق على الأقرب في الروضة وأصلها فترد هذه الصورة على إطلاق المتن. ولو علق بوصول الكتاب ثم علق بوصول الطلاق ووصل إليها طلقت طلقتين.
فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة. وهو جائز بالاجماع، واحتجوا له أيضا بأنه (ص) خير نساءه بين المقام معه وبين مفارقته لما نزل قوله تعالى: * (يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها) * الخ فلو لم يكن لاختيارهن الفرقة أثر لم يكن لتخييرهن معنى. فإن قيل: لا دليل في ذلك لما صححوه من أنه لا يقع الطلاق باختيارهن الدنيا، بل لا بد من إيقاعه بدليل. * (فتعالين أمتعكن وأسرحكن) * (2). أجيب بأنه لما فوض إليهن سبب الفراق وهو اختيار الدنيا جاز أن يفوض إليهن المسبب الذي هو الفراق. (له) أي الزوج، (تفويض طلاقها) المنجز صريحا كان أو كناية، كطلقي أو أبيني نفسك (إليها) أي زوجته البالغة العاقلة فلا يصح تعليقه كقوله: إذا جاء الغد أو زيد فطلقي نفسك، ولا التفويض لصغيرة، أو حكم مجنونة كسائر التمليكات في جميع ذلك. (وهو) أي تفويض الطلاق (تمليك) للطلاق أي يعطى حكم التمليك، (في الجديد) لأنه يتعلق بغرضها كغيره من التمليكات، فنزلت منزلة قوله: ملكتك طلاقك (فيشترط) عليه (لوقوعه) تكليفه وتكليفها و (تطليقها على الفور) لأن التطليق هنا جواب للتمليك فكان
(٢٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460