المشاهدة؟ أجيب بأنها شهدت بأن الزوج ارتضع من أمها أو نحوها. (والأصح أنه لا يكفي) في الشهادة بالارضاع أن يقال (بينهما رضاع محرم) لاختلاف المذاهب في شروط التحريم، (بل يجب) مع ذلك (ذكر وقت) وقع فيه الارضاع وهو قبل الحولين في الرضيع وبعد تسع سنين في المرضعة، (و) ذكر (عدد) وهو خمس رضعات، ولا بد أن يقول متفرقات، لأن غالب الناس كما قال الأذرعي يجهل أن الانتقال من ثدي إلى ثدي أو قطع الرضيع للهو وتنفس ونحوهما وعود مرضعة واحدة. (و) كذا يجب ذكر (وصول اللبن جوفه) في الأصح في كل رضعة كما يشترط ذكر الايلاج في شهادة الزنا، وقيل: لا يجب لأنه لا يشاهد. وأجاب الأول بقوله: (ويعرف ذلك) أي وصول اللبن إلى جوفه، (بمشاهدة) أي معاينة (حلب) بفتح اللام بخطه كما قاله الدميري ورأيته أيضا وهو اللبن المحلوب. وقال الزركشي:
بسكون اللام، قال ابن شهبة: وهو المتجه. وقيد في الام المشاهدة بغير حائل، فإن رآه من تحت الثياب لم يكف.
(وإيجار) للبن في فم الرضيع (وازدراد) مع معاينة ذلك (أو قرائن) دالة على وصول اللبن جوفه، (كالتقام) أي كمشاهدة التقام (ثدي) بلا حائل كما صرح به القاضي الحسين وغيره. (ومصه وحركة حلقه) أي الرضيع (يتجرع وازدراد) للبن الذي مصه، (بعد علمه) أي الشاهد (بأنها) أي المرضعة (لبون) أي ذات لبن كما صرح به في المحرر، لأن مشاهدة القرائن قد تفيد اليقين، وبتقدير أن لا تفيده فتفيد الظن القوي، وذلك تسلط على الشهادة.
وأفهم أنه إذا لم يعلم أنها ذات لبن فلا يحل له أن يشهد، وهو الأصح، لأن الأصل عدم اللبن. ولا يكفي في أداء الشهادة ذكر القرائن بل يعتمدها ويجزم بالشهادة. والمراد أن يعلم أن في ثديها حالة الارضاع أو قبله لبنا وإلا فقد يعلم أنها لبون ولا يكون في ثديها حينئذ لبن كأن حلبته أو أرضعت غيره، ومقابل الأصح أنه يكفي بينهما رضاع محرم.
خاتمة: لو شهد الشاهد بالرضاع ومات قبل تفصيل شهادته توقف القاضي وجوبا في أحد وجهين هو المتجه، وقال شيخنا: إنه الأقرب. والاقرار بالرضاع لا يشترط فيه التعرض للشروط من الفقيه الموثوق بمعرفته دون غيره كما استحسنه الرافعي، وفرق بين الشهادة والاقرار بأن المقر يحتاط لنفسه فلا يقر إلا عن تحقيق. ولو شهدت امرأة واحدة أو ثنتان بالرضاع استحب للزوج أن يطلقها ويكره له المقام معها. ويسن أن يعطي المرضعة شيئا عند الفصال والأولى عند أوانه، فإن كانت مملوكة استحب للرضيع بعد كماله أن يعتقها لأنها صارت أما له، ولن يجزي ولد والده إلا بإعتاقه كما ورد به الخبر.
كتاب النفقات جمع نفقة من الانفاق، وهو الاخراج، ولا يستعمل إلا في الخير، ولهذا ترجم المصنف بالنفقات دون الغرامات، وجمعها لاختلاف أنواعها. وهي قسمان: نفقة تجب للانسان على نفسه إذا قدر عليها وعليه أن يقدمها على نفقة غيره، لقوله (ص): ابدأ بنفسك ثم بمن تعول، ونفقة تجب على الانسان لغيره. قالا: وأسباب وجوبها ثلاثة:
النكاح والقرابة والملك، فالأول والثالث يوجبانها للزوجة والرقيق على الزوج والسيد ولا عكس، والثاني يوجبها لكل من القريبين على الآخر لشمول البعضية. وأورد الأسنوي على الحصر في هذه الثلاثة الهدى والأضحية المنذورين فإن نفقتهما على الناذر والمهدي مع انتقال الملك فيهما للفقراء، وكذا لو أشهد صاحب حق جماعة على قاض بشئ وخرج بهم للبادية ليؤديها عند قاضي بلد آخر فامتنعوا في أثناء الطريق حيث لا شهود ولا قاض هناك فليس لهم ذلك ولا أجرة