مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٢٥٩
بينهن فيه جزما، فتجعل الواهبة أو المسقطة كالمعدومة ويقسم للباقيات. (أو) وهبت (له) فقط (فله التخصيص) لواحدة فأكثر بنوبة الواهبة، لأنها جعلت الحق له فيضعه حيث شاء. ويأتي في الاتصال والانفصال ما سبق. (وقيل:
يسوي) بينهن ولا يخصص لأن التخصيص يورث الوحشة والحقد فتجعل الواهبة كالمعدومة. ولو وهبت له ولبعض الزوجات أو له وللجميع، لم أر من تعرض لهذه المسألة، وقد سألت شيخي عنها فأجاب بأن حقها يقسم على الرؤوس كما لو وهب شخص عينا لجماعة والتقدم بالقرعة.
تنبيه: لا يجوز للواهبة أن تأخذ على المسامحة بحقها عوضا لا من الزوج ولا من الضرائر، فإن أخذت لزمها رده واستحقت القضاء لأن العوض لم يسلم لها. وإنما لم يجز أخذ العوض عن هذا الحق لأنه ليس بعين ولا منفعة لأن مقامه عندها ليس بمنفعة ملكتها عليه. وقد استنبط السبكي من هذه المسألة ومن خلع الأجنبي جواز النزول عن الوظائف، والذي استقر عليه رأيه أن أخذ العوض فيه جائز وأخذه حلال لاسقاط الحق لا لتعلق حق المنزول له، بل يبقى الامر في ذلك إلى ناظر الوظيفة يفعل ما تقتضيه المصلحة شرعا، وبسط ذلك. وللواهبة الرجوع متى شاءت، فإذا رجعت خرج فورا، ولا يرجع في الماضي قبل العلم بالرجوع، فإن بات الزوج في نوبة واحدة عند غيرها ثم ادعى أنها وهبت حقها وأنكرت لم يقبل قوله إلا بشهادة رجلين.
فصل: في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين، وهو إما أن يكون منها أو منه أو منهما. وقد بدأ بما إذا كان التعدي منها بقوله: فلو (ظهرت أمارات نشوزها) فعلا كأن يجد منها إعراضا وعبوسا بعد لطف وطلاقة وجه، أو قولا كأن تجيبه بكلام خشن بعد أن كان بلين، (وعظها) ندبا، لقوله تعالى: * (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن) * كأن يقول لها: اتق الله في الحق الواجب لي عليك واحذري العقوبة. (بلا هجر) ولا ضرب، ويبين لها أن النشوز يسقط النفقة والقسم، فلعلها تبدي عذرا أو تتوب عما وقع منها بغير عذر، وحسن أن يذكر لها ما في الصحيحين من قوله (ص): إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح. وفي الترمذي عن أم سلمة: قال رسول الله (ص): أيما امرأة باتت وزوجها راض عنها دخلت الجنة ويستحب أن يبرها ويستميل قلبها بشئ، وفي الصحيحين: المرأة ضلع أعوج، إن أقمتها كسرتها، وإن تركتها استمتعت بها على عوج فيها.
تنبيه: ظاهر كلامه كغيره تحريم الهجر في المضجع في هذه الحالة، قال ابن النقيب تبعا للسبكي: وهو ظاهر إذا فوت حقا لها من قسم أو غيره وإلا فيظهر عدم التحريم لأن الاضطجاع معها حقه فله تركه. (فإن تحقق نشوز) منها (ولم يتكرر) ذلك منها (وعظ) - ها (وهجر) ها (في المضجع) بكسر الجيم: أي يجوز له ذلك لظاهر الآية، ولان في الهجر أثرا ظاهرا في تأديب النساء. والمراد أن يهجر فراشها فلا يضاجعها فيه، وقيل: هو ترك الوطئ، وقيل:
هو أن يقول لها هجرا، أي إغلاظا في القول. وقيل: هو أن يربطها بالهجار، وهو حبل يربط فيه البعير الشارد.
واحترز المصنف بالهجر في المضجع عن الهجران في الكلام فلا يجوز الهجر به لا للزوجة ولا لغيرها فوق ثلاثة أيام، ويجوز فيها للحديث الصحيح: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام. وفي سنن أبي داود: فمن هجره فوق ثلاثة فمات دخل النار وحمل الأذرعي تبعا لغيره التحريم على ما إذا قصد بهجرها ردها لحظ نفسه، فإن قصد به ردها عن المعصية وإصلاح دينها فلا تحريم، قال: ولعل هذا مرادهم، إذ النشوز حينئذ عذر شرعي اه‍. وهذا مأخوذ من قولهم: يجوز هجر المبتدع والفاسق ونحوهما، ومن رجا بهجره صلاح دين الهاجر أو المهجور، وعليه يحمل هجره (ص) كعب بن مالك وصاحبيه، وأول أسمائهم هم حروف مكة، ونهيه (ص) الصحابة عن كلامهم،
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460