(ولو أكلا) أي الزوجان (تمرا) مثلا (وخلطا نواهما فقال) الزوج لها فورا أم لا: (إن لم تميزي نواك) أي نوى ما أكلته عن نوى ما أكلته (فأنت طالق، فجعلت كل نواة وحدها) بحيث لا تجتمع مع أخرى، (لم يقع) طلاق، لأن ذلك يتميز نوى أحدهما. (إلا أن يقصد تعيينا) لنواها عن نواه فلا يتخلص من اليمين بما فعلت بل يقع عليه الطلاق حينئذ كما صرح به ابن الملقن، وقال الأذرعي: ويحتمل أن يكون من التعليق بالمستحيل عادة لتعذره. وفي الكافي:
لو قال: إن لم تخبريني بنواي أو إن لم تشيري إلى نواي فأنت طالق، فالطريق في الخلاص أن تعد النوى عليه واحدة واحدة وتقول في كل واحدة هذه نواتك. (ولو كان بفمها تمرة) مثلا (فعلق) طلاقها (ببلعها ثم برميها ثم بإمساكها) كقوله: إن بلعتها فأنت طالق، وإن رمينها فأنت طالق، وإن أمسكتها فأنت طالق (فبادرت مع) أي عقب (فراغه) من التعليق (بأكل بعض) منها (ورمي بعض) منها، (لم يقع) طلاق لأن أكل البعض ورمي البعض مغاير لهذه الثلاثة.
تنبيه: أشعر كلامه باشتراط الامرين، وليس مرادا بل الشرط المبادرة بأحدهما وأشار بثم إلى اشتراط تأخير يمين الامساك فإن تقدم أو توسط في الصورة المذكورة حنث، ولا حاجة لثم في يمين الرمي فإنه يجوز تقديمها على يمين الابتلاع، وإنما المحتاج إليه في التخلص من الحنث المبادرة المذكورة لأنها لو لم تبادر كانت ممسكة فيحصل الحنث.
وأفهم كلامه الحنث بأكل جميعها، وهو يقتضي أن الابتلاع أكل، قال ابن النقيب: وهو واضح، لكن لم أر من ذكره. وقد ينازع فيه إذا ذكر التمرة في يمينه، فإن الاكل فيه مضغ يزيل اسم التمرة فلم تبلع تمرة. وأما عكسه، وهو قوله: إن أكلت فابتلعت، فالذي جرى عليه ابن المقري تبعا لاصله في هذا الباب أنه لو علق طلاقها بالاكل فابتلعت لم يحنث لأنه يقال ابتلع ولم يأكل، ووقع له كأصله في كتاب الايمان عكس هذا. واختلف المتأخرون فمنهم من ضعف أحد الموضعين، ومنهم من جمع، وفرق بأن الطلاق مبني على اللغة، والبلع لا يسمى أكلا، والايمان مبناها على العرف، والبلع فيه يسمى أكلا، وهذا أولى من تضعيف أحد الموضعين. (ولو) علق طلاقها وهي على سلم بالصعود وبالنزول ثم بالمكث فوثبت أو انتقلت إلى سلم آخر، أو اضطجع السلم وهي عليه على الأرض وتقوم من موضعها، أو حملت وصعد بها الحامل أو أنزل بغير أمرها فورا في الجميع لم تطلق، أما لو حملت بأمرها فيحنث. نعم إن حملها بلا صعود ونزول بأن يكون واقفا على الأرض أو نحوها فلا أثر لأمرها. وإن (أتهمها) أي زوجته (بسرقة، فقال) لها (إن لم تصدقيني) في أمر هذه السرقة (فأنت طالق، فقالت) له قولين، أحدهما: (سرقت) والآخر:
(ما سرقت، لم تطلق) لأنها صادقة في أحد القولين. (ولو قال) لها: (إن لم تخبريني) صادقة (بعدد حب هذه الرمانة قبل كسرها) فأنت طالق. (فالخلاص) من اليمين (أن تذكر) له (عددا يعلم أنها) أي الرمانة (لا تنقص عنه) كمائة، (ثم تزيد واحدا واحدا) فتقول: مائة وواحد واثنان، وهكذا (حتى تبلغ ما) أي عددا للرمانة (يعلم أنها لا تزيد عليه) أي ما انتهت إليه من عدد حبها فتكون مخبرة بعددها. (والصورتان) هذه والتي قبلها (فيمن لم يقصد تعريفا) فإن قصده لم تخلص من اليمين بما ذكرته. فإن قيل: الشق الأول يشكل بما قالوا من أن الخبر يعم الصدق والكذب