مال مالكها ونكاحها، بخلاف أمة الثيب العاقلة الصغيرة، لأنه لا يلي نكاح مالكها، وقد علم مما تقرره أنه يشترط فيمن يلي النكاح أن يكون ولي المال والنكاح.
خاتمة: أمة غير المحجور عليها يزوجها ولي السيدة تبعا لولايته على سيدتها بإذن السيدة وجوبا، لأنها المالكة لها نطقا وإن كانت بكرا لأنها لا تستحي في تزويج أمتها. ولو أعتق المريض أمة وهو لا يملك غيرها فزوجها وليها قبل موته وبرئه من مرضه صح للحكم بحريتها ظاهرا فلا يمنع العقد بالاحتمال، ولهذا لو مات وخرجت من الثلث يحكم بعتقها ويجوز تزويجها، وإن احتمل ظهور دين عليه يمنع خروجها من الثلث، لكن إذا مات وعجز الثلث عنها ورق بعضها بأن لم تجز الورثة بأن فساد النكاح. وإن زوجها السيد بمن يحل له نكاح الأمة بإذن الولي أو كان هو الولي صح وإن لم يمت ولم تخرج بعد موته من الثلث، لأنه بتقدير عدم خروجها في الأولى مالك ما لم يعتق ونائب ولي ما عتق، وفي الثانية مالك ذاك وولي هذا.
باب ما يحرم من النكاح التحريم يطلق في العقد بمعنى التأثيم وعدم الصحة، وهو المراد بالتبويب، ويطلق بمعنى التأثيم مع الصحة كما في نكاح المخطوبة على خطبة الغير، ومراده بهذه الترجمة ذكر موانع النكاح كما عبر بها في الروضة، وهي قسمان:
مؤبد وغير مؤبد، ومن الأول وإن لم يذكره الشيخان اختلاف الجنس، فلا يجوز للآدمي نكاح جنية كما قاله العماد بن يونس، وأفتى به ابن عبد السلام خلافا للقمولي، قال تعالى: * (هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها) *، وقال تعالى: * (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها) *. وروى ابن أبي الدنيا مرفوعا: نهى عن نكاح الجن. والمؤبد غير اختلاف الجنس له أسباب ثلاثة: قرابة، ورضاع، ومصاهرة، ولضابط المحرمات بالنسب والرضاع ضابطان: الأول: تحرم نساء القرابة إلا من دخلت تحت ولد العمومة أو ولد الخؤولة.
والثاني: يحرم على الرجل أصوله وفصول أول أصوله، وأول فصل من كل أصل بعد الأصل الأول، فالأصول:
الأمهات، والفصول: البنات، وفصول أول الأصول: الأخوات وبنات الأخ وبنات الأخت، وأول فصل من كل أصل بعد الأصل الأول: العمات والخالات. والضابط الثاني للأستاذ أبي إسحاق الأسفراييني. والأول لتلميذه الأستاذ أبي منصور البغدادي. قال الرافعي: وهو أرجح لايجازه ونصه على الإناث، بخلاف الثاني، ولمجيئه على نمط قوله تعالى:
* (إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك) * فدل على أن ما عداهن من الأقارب ممنوع. وقد بدأ بالسبب الأول، وهو القرابة، ويحرم بها سبع. وقد شرع في الأول منها، فقال: (تحرم الأمهات) بضم الهمزة وكسرها مع فتح الميم وكسرها: جمع أم، وأصلها أمهة: قاله الجوهري. قال شيخنا: ومن نقل عنه أنه قال جمع أمهة أصل أم فقد تسمح. ويشير بذلك إلى الرد على الشارح. ويحتمل أن الجوهري وقع له عبارتان. وقال بعضهم: الأمهات للناس، والأمات للبهائم. وقال آخرون: يقال فيهما أمهات وأمات، لكن الأول أكثر في الناس والثاني أكثر في غيرهم، ويمكن رد الأول إلى هذا، وسيأتي إن شاء الله تعالى تحرير ذلك آخر الكتاب. والمراد تحريم العقد عليهن، وكذا يقدر في الباقي. (و) ضابط الأم هو (كل من ولدتك) فهي أمك حقيقة، (أو ولدت من ولدك) ذكرا كان أو أنثى، كأم الأب وإن علت وأم الأم كذلك (فهي أمك) مجازا. وإن شئت قلت كل أنثى ينتهي إليها نسبك بواسطة أو بغيرها، وهذا تفسير الأمهات بالنسب وإلا فقد يحرم النكاح بالأمومة لا من هذه الجهة، وذلك في زوجات النبي (ص) أمهات