مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٣٢٥
الزوج الطلاق (بمشيئتها خطابا) أي وهو مخاطب لها، كقوله: أنت طالق إن أو إذا شئت، أو إن أو إذا شئت فأنت طالق، (اشترطت) مشيئتها لفظا (على فور) لتضمن ذلك لتمليكها الطلاق كطلقي نفسك كما مر ولأنها استبانة لرغبتها، فكان جوابها على الفور كالقبول في العقود والمراد بالفور مجلس التواجب كما قالاه هنا وفي الخلع، وقيل: إذا شاءت في المجلس طلقت، لأن حريم العقد يقوم مقامه كما في القبض في التصرف والسلم، وقيل: أي وقت شاءت طلقت، ولا يتقيد ذلك بوقت، كما لو قال لها: إن دخلت الدار فأنت طالق.
تنبيه: هذا في التعليق بغير نحو متى كأي وقت، أما فيه فلا يشترط الفور. (أو) علق الطلاق بمشيئتها (غيبة) كزوجتي طالق إن شاءت ولو حضرت وسمعته، (أو) علقه (بمشيئة أجنبي) خطابا، كقوله لأجنبي: إن شئت فزوجتي طالق، (فلا) يشترط فور (في الأصح) لبعد التمليك في الأولى ولانتفائه في الثانية. والثاني: يشترط الفور، نظرا إلى تضمن التمليك في الأولى وإلى الخطاب في الثانية. أما إذا علقه بمشيئة أجنبي غيبة ك‍ إن شاء زيد لم يشترط الفور جزما، ولو علقه بمشيئتها خطابا وبمشيئة زيد كذلك اشترط الفور في مشيئتها فقط دون زيد إعطاء لكل منهما حكمه لو انفرد. (ولو قال المعلق بمشيئته) من زوجة أو أجنبي (شئت كارها بقلبه، وقع) الطلاق ظاهرا وباطنا لوجود المعلق عليه وهو لفظ المشيئة، وهذا ما في المحرر ونقلاه في الروضة وأصلها عن البغوي وهو المعتمد (وقيل: لا يقع باطنا) لانتفاء المشيئة في الباطن، وهذا ما نقلاه في الروضة وأصلها عن القاضي الحسين ونقلا في أوائل الاقرار ما يوهم ترجيحه وهو قضية كلام القاضي أبي الطيب أيضا. وأجاب الأول بأن ما في الباطن لخفائه لا يقصد التعليق به، وإنما يقصد باللفظ الدال عليه وقد وجد.
ولو قال المعلق على مشيئته من زوجة أو غيرها: شئت إن شئت لم تطلق وإن شاء الزوج، لأن التعليق على مشيئة من ذكر ولم توجد وإنما وجد تعليقها، والمشيئة خبر عما في النفس من الإرادة، وذلك لا يتعلق بالشرط. ثم أشار إلى اعتبار كون المخاطب أهلا للمشيئة بقوله: (ولا يقع طلاق) علق (بمشيئة) كل من (صبية وصبي) وإن كان مميزين، لأنه لا اعتبار بمشيئتهما في التصرفات، ولأنه لو قال لصغيرة: طلقي نفسك فطلقت لم يقع، فكذا إن علق بمشيئتها. (وقيل:
يقع) الطلاق المعلق (ب‍) مشيئة (مميز) لأن مشيئته معتبرة في اختيار أحد أبويه. وتقييده بمميز من زوائده على المحرر، وقضيته أنه لا يقع بمشيئة غيره جزما، وبه صرح في الروضة وأصلها. وكذا لا يقع بمشيئة مجنون علق على مشيئة ولو بالغا جزما، لأنا وإن اعتبرنا اللفظ فلا بد من صدوره ممن يتصور أن يكون لفظه معربا عن مشيئته. نعم إن قال له أو لصغير: إن قلت شئت فزوجتي طالق فقال: شئت طلقت لوجود المعلق عليه.
تنبيه: لو علق بمشيئة أخرس فأشار إشارة مفهمة وقع، أو ناطق فخرس فكذا على الأصح، ولو شاء المعلق بمشيئة حال سكره الذي أثم به كان على الخلاف في تصرفه. ولو علق بمشيئة ناقص بصبا أو جنون فشاء فورا بعد كماله لم يقع كما هو ظاهر كلامهم. ولو علق بمشيئة الملائكة لم تطلق إذ لهم مشيئة ولم تعلم حصولها. والتعليق بمشيئة بهيمة تعليق بمستحيل كما قال الماوردي، وقد مر أنه لا يقع به. (ولا رجوع له) أي شخص علق الطلاق بمشيئة غيره (قبل المشيئة) من ذلك الغير وإن قلنا إنه تمليك، لأنه وإن كان تمليكا ففيه شائبة تعليق الطلاق على صفة فامتنع الرجوع كسائر التعليقات. (ولو قال: أنت طالق ثلاثا إلا أن يشاء زيد) مثلا (طلقة، فشاء) زيد (طلقة) أو أكثر، (لم تطلق) شيئا نظرا إلى أن المعنى: إلا أن يشاءها فلا تطلقين أصلا، كما لو قال: إلا أن يدخل زيد الدار فدخل.
(وقيل: تقع طلقة) نظرا إلى أن المعنى: إلا أن يشاء طلقة، فلا يزاد عليها. وقيل: يقع طلقتان، والتقدير: إلا أن يشاء
(٣٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460