مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٢٧٩
كتاب الطلاق هو لغة حل القيد والاطلاق، ومنه ناقة طالق: أي مرسلة بلا قيد. وشرعا: حل عقد النكاح بلفظ الطلاق ونحوه، وعرفه المصنف في تهذيبه بأنه: تصرف مملوك للزوج يحدثه بلا سبب فيقطع النكاح. والأصل فيه قبل الاجماع الكتاب كقوله تعالى: * (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) * وقوله تعالى: * (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن) *، والسنة كقوله (ص): ليس شئ من الحلال أبغض إلى الله من الطلاق رواه أبو داود بإسناد صحيح والحاكم وصححه، وقوله (ص): أتاني جبريل فقال لي راجع حفصة فإنها صوامة قوامة وإنها زوجتك في الجنة رواه أبو داود وغيره بإسناد حسن. وأركانه خمسة: مطلق وصيغة ومحل وولاية وقصد، وقد شرع في شرط الركن الأول وهو المطلق، فقال: (يشترط لنفوذه) أي الطلاق من المطلق منجزا كان أو معلقا، (التكليف) أي أن يكون مكلفا، فيصح من السفيه والمريض، أي ولو كان هازلا، ولا يصح من غير مكلف كصبي ومجنون ومغمى عليه ونائم ولا تنجيزا ولا تعليقا وإن وجدت الصفة بعد الأهلية في المعلق لفساد عبارته، ولخبر: رفع القلم عن ثلاث نعم لو تولد جنون من سكر تعدى فيه نفذ طلاقه في جنونه، وقد يتصور طلاق المجنون بغير سكر تعدى فيه والمغمى عليه والنائم بما إذا علق الطلاق في حال التكليف على صفة فوجدت وهو غير مكلف. فإن قيل: أهمل المصنف شرطين آخرين: أحدهما كونه من زوج أو وكيله فلا يقع طلاق غيره إلا فيما سيأتي في المولى يطلق عليه الحاكم ثانيهما: الاختيار ليخرج المكره بغير حق. أجيب عن إهماله الأول بأنه أحاله على ما صرح به في الخلع وعلى ما سيذكره من أنه لا يصح تعليقه قبل ملك النكاح، وعن الثاني بأنه أهمله لذكره حكم المكره بعد ذلك قال المصنف زيادة على الرافعي وغيره: (إلا السكران) المتعدي بسكره كأن شرب خمرا أو دواء مجننا بلا حاجة فيصح منه، ولو كان السكر طافحا عليه بحيث يسقط كالمغمى عليه مع أنه غير مكلف كما نقله في الروضة عن أصحابنا وغيرهم في كتب الأصول تغليظا عليه لعصيانه بإزالة عقله فجعل كأنه لم يزل. قال: ولكن مراد أهل الأصول أنه غير مخاطب حال السكر، ومرادنا هنا أنه مكلف بقضاء العبادات بأمر جديد. قال الغزالي في المستصفى: ولان صحته من قبيل ربط الأحكام بالأسباب، وأجاب عن قوله تعالى: * (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى) * الذي استند إليه الجويني وغيره في تكليف السكران بأن المراد به من هو في أوائل السكر وهو المنتشي لبقاء عقله، ولذا يصح منه سائر أفعاله وأقواله مما له معا وعليه كالبيع والإجارة أو منفردين كالاسلام والطلاق، ويصح طلاقه بالكناية خلافا لابن الرفعة. وشمل ذلك الكافر وإن لم يعتقد حرمة شرب الخمر لأنه مخاطب بفروع الشريعة. وخرج بالمتعدي غيره كمن أكره على شرب مسكر أو لم يعلم أنه مسكر أو شرب دواء مجننا لحاجة فلا يقع طلاقه لعدم تعديه. والرجوع في معرفة السكران إلى العرف، وقيل: أدنى السكر أن يختل كلامه المنظوم وينكشف سره المكتوم كما عبر به الشافعي رضي الله تعالى عنه وإن لم يجعله أدنى، قال ابن المقري: ولا يحتاج على الوجه الصحيح إلى معرفة السكر لأنه إما صاح وإما سكران زائل العقل، وحكمه حكم الصاحي سواء، بل يحتاج إلى معرفة السكر في غير المتعدى به، وفيما إذا قال إن سكرت فأنت طالق اه‍. أي فيحد حينئذ بما ذكر، وهو حسن. ولو قال السكران بعدما طلق: إنما شربت الخمر مكرها وتم قرينة، أو: لم أعلم أن ما شربته مسكر صدق بيمينه، نعم من يعرف حكم الاكراه فإنه يستفسر كما قاله بعض المتأخرين: أما إذا شرب أو أكل ما يزيل العقل لحاجة كالتداوي فإنه كالمجنون كما صرح به في المهذب والوجيز وأصل الروضة. ثم شرع في الركن الثاني وهو الصيغة، فقال: (ويقع) الطلاق من مسلم أو كافر (بصريحه) وهو ما يحتمل ظاهره غير الطلاق، (بلا نية) لايقاع الطلاق،
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460