فصل: في قذف الزوج زوجته خاصة: والقذف فيها كهو في غيره، وإنما أفرده بالذكر لمخالفته غيره في ثلاثة أمور:
أحدها: أنه يباح له القذف أو يجب لضرورة نفي النسب. والثاني: أن له إسقاط الحد عنه باللعان. والثالث: يجب على المرأة الحد بلعانه إلا أن تدفعه عن نفسها بلعانها. (له) أي الزوج ( قذف زوجة) له (علم) أي تحقيق (زناها) بأن رآها تزني، (أو ظنه) أي زناها (ظنا مؤكدا) أورثه العلم (كشياع) بفتح الشين المعجمة بخطه: أي ظهور (زناها بزيد مع قرينة) أي مصحوبا بها، (بأن رآهما) أي زوجته وزيدا ولو مرة واحدة (في خلوة) مثلا، أو رآه يخرج من عندها أو هي تخرج من عنده، أو أخبره ثقة بزناها ويقع في قلبه صدقه أو يخبره عن عيان من يثق به وإن لم يكن عدلا، أو يرى رجلا معها مرارا في محل ريبة أو مرة تحت شعار في هيئة منكرة.
تنبيه: قوله: مع قرينة يفهم أن مجرد الاستفاضة فقط أو القرينة فقط لا يجوز اعتماد واحد منهما، وهو كذلك.
أما الاستفاضة فقد يشيعها عدولها أو من طمع فيها فلم يظفر بشئ، وأما مجرد القرينة المذكورة فلانه ربما دخل عليها لخوف أو سرقة أو طمع أو نحو ذلك، ويفهم إباحة القذف له بالشروط المذكورة وهو كذلك، لكن الأولى له كما في زوائد الروضة أن يستر عليها ويطلقها إن كرهها لما فيه من ستر الفاحشة وإقالة العثرة هذا كله حيث لا ولد ينفيه، فإن كان هناك ولد فقد ذكره بقوله: (ولو أتت بولد) يمكن كونه منه، (وعلم) أو ظن ظنا مؤكدا (أنه ليس منه، لزمه نفيه) لأن ترك النفي يتضمن استلحاقه واستلحاق من ليس منه حرام كما يحرم نفي من هو منه.
تنبيه: سكت المصنف عن القذف، وقال البغوي: إن تيقن مع ذلك زناها قذفها ولاعن وإلا فلا يجوز لجواز كون الولد من وطئ شبهة، وطريقه كما قال الزركشي أن يقول: هذا الولد ليس مني وإنما هو من غيري. وأطلق وجوب نفي الولد، ومحله إذا كان يلحقه ظاهرا، ففي قواعد ابن عبد السلام أن زوجته لو أتت بولد يعلم أنه ليس منه، فإن أتت به خفية بحيث لا يلحق به في الحكم لم يجب نفيه والأولى به الستر والكف عن القذف، والحمل المحقق كالولد، فلو ذكره لعلم منه الولد بطريق الأولى. ولا يلزمه في جواز النفي والقذف تبين السبب المجوز للنفي والقذف من رؤية زنا واستبراء ونحوهما السبب المجوز لهما. (وإنما يعلم) بفتح أوله، أن الولد ليس منه (إذا لم يطأ) زوجته أصلا، (أو) وطئها ولكن (ولدته لدون ستة أشهر من الوطئ) التي هي أقل مدة الحمل، (أو لفوق أربع سنين) منه التي هي أكثر مدة الحمل، وفي معنى الوطئ استدخال المني. (فلو ولدته لما بينهما) أي بين ستة أشهر من وطئه وأربع سنين (ولم يستبرئ) بعده (بحيضه حرم النفي) للولد باللعان رعاية للفراش، ولا عبرة بريبة يجدها في نفسه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه (ص) قال: أيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه يوم القيامة وفضحه على رؤوس الخلائق رواه أبو داود والنسائي وغيرهما.
تنبيه: جعل البينة بين الستة والأربع كما فعلته تبعا للشارح أولى ممن جعلها تبعا لظاهر المتن بين الدون والفوق لأن الدون يصدق بأربعة أشهر مثلا، وهو فاسد. وقد مر أنها لو ولدته لدون الستة يعلم أنه ليس منه فكيف يحرم نفيه حينئذ؟ فتأمل. (وإن ولدته لفوق ستة أشهر من الاستبراء) بحيضه، ولستة أشهر فأكثر من الزنا، (حل النفي) باللعان (في الأصح) ولكن الأولى أن لا ينفيه لأن الحامل قد ترى الدم.
تنبيه: ما صححه المصنف من الحل تبع فيه المحرر والشرح الصغير، ومقابل الأصح وهو الراجح كما رجحه في أصل الروضة ونقله عن قطع العراقيين أنه إن رأى بعد الاستبراء قرينة الزنا المبيحة للقذف جاز النفي، بل وجب