مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٣٥٢
عدمه. ولو اعترفت بالوطئ بعد المدة وأنكره سقط حقها من الطلب عملا باعترافها، ولم يقبل رجوعها عنه لاعترافها بوصول حقها إليها. ولو كرر يمين الايلاء مرتين فأكثر وأراد بغير الأولى التأكيد لها ولو تعدد المجلس وطال الفصل صدق بيمينه كنظيره في تعليق الطلاق. وفرق بينهما وبين تنجيز الطلاق بأن التنجيز إنشاء وإيقاع، والايلاء والتعليق متعلقان بأمر مستقبل، فالتأكيد بهما أليق، أو أراد الاستئناف تعددت الايمان. وإن أطلق بأن لم يرد تأكيدا ولا استئنافا فواحدة إن اتحد المجلس حملا على التأكيد وإلا تعددت لبعد التأكيد مع اختلاف المجلس، ونظيرهما جار في تعليق الطلاق، وكذا الحكم لو حلف يكفيه يمينا سنة ويمينا سنتين مثلا، وعند الحكم بتعدد اليمين يكفيه لانحلالها وطئ واحد ويتخلص بالطلاق عن الايمان كلها، ويكفيه كفارة واحدة كما علم مما مر.
كتاب الظهار هو لغة مأخوذ من الظهر، لأن صورته الأصلية أن يقول لزوجته: أنت علي كظهر أمي. وخصوا الظهر دون البطن والفخذ وغيرهما لأنه موضع الركوب، والمرأة مركوب الزوج، وقيل من العلو، قال تعالى: * (فما اسطاعوا أن يظهروه) * أي يعلوه، وكان طلاقا في الجاهلية، وقيل: في أول الاسلام، ويقال: كانوا في الجاهلية إذا كره أحدهم امرأته ولم يرد أن تتزوج بغيره آلى منها أو ظاهر فتبقى لا ذات زوج ولا خلية تنكح غيره، فغير الشارع حكمه إلى تحريمها بعد العود ولزوم الكفارة كما سيأتي. وحقيقته الشرعية: تشبيه الزوجة غير البائن بأنثى لم تكن حلا على ما يأتي بيانه، وسمي هذا المعنى ظهارا لتشبيه الزوجة بظهر الام، وهو من الكبائر، قال تعالى: * (وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا) *. والأصل في الباب قبل الاجماع قوله تعالى: * (والذين يظاهرون من نسائهم) * الآية، نزلت في أوس بن الصامت لما ظاهر من زوجته فاشتكت إلى رسول الله (ص)، فقال: حرمت عليه، فقالت: انظر في أمري فإني لا أصبر عنه، فقال (ص): حرمت عليه وكررت وهو يقول: حرمت عليه، فلما أيست اشتكت إلى الله تعالى، فأنزل الله تعالى: * (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها) * الآيات. رواه أبو داود وابن ماجة وابن حبان. وروي أنه (ص) قال: مريه أن يعتق رقبة، فقالت: أي رقبة؟ والله لا يجد رقبة وما له خادم غيري فقال: مريه فليصم شهرين متتابعين، فقالت: ما يقدر على ذلك إنه يشرب في اليوم كذا كذا مرة، فقال: مريه فليطعم ستين مسكينا، فقالت: أنى له ذلك فائدة: سورة المجادلة في كل آية منها اسم الله تعالى مرة أو مرتين أو ثلاثا، وليس في القرآن سورة تشابهها في ذلك، وهي نصف القرآن عددا، وعشرة باعتبار الاجزاء. وله أركان أربعة: مظاهر، ومظاهر منها، وصيغة، ومشبه به، وقد أخذ في بيانها مبتدءا بأولها، فقال: (يصح) الظهار (من كل زوج) فلا تصح مظاهرة السيد من أمته ولو كانت أم ولد، لأن الله تعالى أناط حكمه بالنساء، ومطلقه ينصرف إلى الزوجات. (مكلف) بأن يكون بالغا عاقلا، فلا يصح من صبي ومجنون ومغمى عليه لما مر في الطلاق. نعم لو علق المكلف الظهار على صفة هو مجنون أو مغمى عليه حصل الظهار قطعا، قاله ابن كج. ولا بد أن يكون مختارا، فلا يصح ظهار المكره، وسيأتي ظهار السكران. فلو قال: شرطه زوج يصح طلاقه، كما قال في الايلاء كان أخصر وأعم لدخول ظهار السكران. (ولو) هو (ذمي) لعموم الآية، وإنما صرح به مع دخوله فيما سبق لخلاف أبي حنيفة ومالك فيه من جهة أن الله شرط فيه الكفارة، وليس هو من أهلها. لنا أنه لفظ يقتضي تحريم الزوجة فيصح منه كالطلاق والكفارة فيه شائبة الغرامة، ويتصور منه الاعتاق عن الكفارة كأن يرث عبدا مسلما أو يسلم عبده أو يقول المسلم أعتق عبدك المسلم عن كفارتي.
(٣٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460