الأكثرون على ما اقتضاه إيراد الشرح والروضة، ونقلاه عن رواية صاحب الافصاح عن النص، ونسبه في البحر إلى جمهور الخراسانيين، وحكاه الإمام عن المعظم، وهو المشهور عن ابن سريج كما نقله الأكثرون عن كتاب الغنية له، وبه اشتهرت المسألة، قال الأذرعي: ورأيته صرح به في كتاب الودائع، لكن في كتاب الزيادات له أنه يقع المنجز، وهذان النقلان سبب اضطرابهم في النقل عنه. وممن قال بعدم وقوع شئ المزني وابن الحداد والقفال وغيرهم، ونقل في البحر عن القاضي أبي الطيب: أن الشافعي رضي الله عنه نص عليه في المسائل المنثورة، ونصره السبكي أولا، وصنف فيه تصنيفين ثم رجع عنه ونصر القائل بإيقاع الثلاث. وقال الأسنوي في التنقيح: إذا كان صاحب المذهب قد نص عليه وقال به أكثر الأصحاب خصوصا الشيخ أبا حامد شيخ العراقيين والقفال شيخ المراوزة، كان هو الصحيح. وقال في المهمات: فكيف يسوغ الفتوى بما يخالف نص الشافعي وكلام الأكثرين اه. ولما اختار الروياني هذا الوجه قال: لا وجه لتعليم العوام هذه المسألة في هذا الزمان. وعن الشيخ عز الدين: أنه لا يجوز التقليد في عدم الوقوع. وهو الظاهر، وإن نقل عن البلقيني والزركشي الجواز. وقال ابن الصباغ: وددت لو محيت هذه المسألة، وابن سريج برئ مما نسب إليه فيها.
تنبيه: إذا قلنا بانحسام الطلاق وأراد أن يطلق فله طرق: منها أنه يوكل في طلاقها لأنه لم يطلقها. ومنها أن يضيف الطلاق لبعضها لأنه لم يطلقها وإنما طلق بعضها، ومحل هاتين الصورتين كما قال الزركشي فيما إذا كان التعليق بالتطليق، فإن كان بالوقوع كأن قال: ومتى وقع عليك طلاقي لم يقع في الصورتين، وطريقه حينئذ المفارقة بالفسخ إن وجد سببه. (ولو قال: إن ظاهرت منك أو آليت أو لاعنت أو فسخت) نكاحي (بعيبك) مثلا (فأنت طالق قبله) أي قبل كل ما ذكر (ثلاثا، ثم وجد المعلق به) من الظهار أو غيره، (ففي صحته) أي المعلق به، وهو الظهار وما بعده (الخلاف) فعلى الأول الراجح يصح ويلغو تعليق الطلاق لاستحالة وقوعه، وعلى الثالث يلغوان جميعا، ولا يأتي الثاني هنا. (ولو قال: إن وطئتك) وطئا (مباحا فأنت طالق قبله) واحدة أو أكثر، (ثم وطئ لم يقع) طلاق (قطعا) إذ لو طلقت لم يكن الوطئ مباحا، وإنما لم يأت الخلاف هنا لأن موضعه إذا انسد بتصحيح الدور يأتي الطلاق أو غيره من التصرفات الشرعية، وهنا لم ينسد لأن التعليق هنا وقع بغير الطلاق فلم ينسد عليه باب الطلاق.
تنبيه: لو قال: إن راجعتك فأنت طالق قبله ثلاثا ثم راجعها نفذت الرجعة ولم يقع المعلق للدور. ولو قال لامرأته: إن بدأتك بالكلام فأنت طالق فقالت له: وإن بدأتك بالكلام فعبدي حر فكلمها لم تطلق المرأة، لأنه خرج عن كونه مبتدئا بقولها: وإن بدأتك ولم يعتق العبد إذا كلمته بعد ذلك لخروجها عن كونها مبتدئة بكلامه، فلو كلمته أولا عتق العبد لأنها ابتدأت كلامه. وكذا لا تطلق المرأة ولا يعتق العبد لو قال كل منهما: إن بدأتك بالسلام إلى آخر ما مر، فسلما معا، لعدم ابتداء كل منهما. ولو قال لزوجته: متى دخلت الدار وأنت زوجتي فعبدي حر قبله ومتى دخلها وهو عبدي فأنت طالق قبله ثلاثا فدخلا معا لم يعتق العبد ولم تطلق الزوجة للزوم الدور، لأنهما لو حصلا لحصلا معا قبل دخولهما، ولو كان كذلك لم يكن العبد عبده وقت الدخول ولا المرأة زوجته حينئذ فلا تكون الصفة المعلق عليها حاصلة، ولا يأتي في هذه القول ببطلان الدور إذ ليس فيها سد باب التصرف، ولو دخلا مرتبا وقع المعلق على المسبوق دون السابق، فلو دخلت المرأة أولا ثم العبد عتق ولم تطلق هي، لأنه حين دخل لم يكن عبدا فلم تحصل صفة طلاقها، وإن دخل العبد أولا ثم المرأة ثم طلقت ولم يعتق العبد، وإن لم يذكر في تعليقه المذكور لفظة قبله في الطرفين، ودخلا معا عتق وطلقت، لأن كلا منهما عند الدخول بالصفة المشروطة، وإن دخلا مرتبا فكما سبق في نظيرتها. (ولو علقه) أي