مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٣٧٤
لحصول الظن حينئذ بأنه ليس منه، وإن لم ير شيئا لم يجز النفي. وما صححه من اعتبار المدة من الاستبراء تبع فيه المحرر، وكذا في الشرح الكبير. قال المصنف في زيادة الروضة، وكذا فعل القاضي حسين والإمام والبغوي والمتولي: والصحيح ما قاله المحاملي وصاحب المهذب والعدة وآخرون أن الاعتبار في الستة الأشهر من حين يزني الزاني بها، لأن الزنا مستند اللعان، فإذا ولدته لدون ستة أشهر منه ولاكثر من دونها من الاستبراء تبينا أنه ليس من ذلك الزنا فيصير وجوده كعدمه، فلا يجوز النفي جزما رعاية للفراش، فكان ينبغي للمصنف أن يزيد ذلك في الكتاب كما زدته في كلامه ليسلم من التناقض. وهل يحسب ابتداء الأشهر من ابتداء الدم أو من انقطاعه؟ قال ابن النقيب: لم أر من ذكره، والذي يظهر أنه من طروه لأنه الدال على البراءة اه‍. وما استظهره ظاهر وجرى عليه الزركشي والدميري. (ولو وطئ) زوجته في قبلها (وعزل) عنها بأن نزع وقت الانزال ثم أتت بولد، (حرم) نفيه (على الصحيح) لأن الماء قد يسبق من غير أن يحس به. وليس مقابل الصحيح وجها محققا بل احتمالا للغزالي رضي الله عنه أقامه المصنف وجها. أما إذا وطئ في الدبر أو فيما دون الفرج فإن له النفي لأن أمر النسب يتعلق بالوطئ الشرعي فلا يثبت بغيره. وهذا ما رجحه في الروضة وأصلها هنا، وهو المعتمد، وإن رجحها في باب ما يجوز من الاستمتاع أن الوطئ في الدبر كالقبل في لحوق النسب، ورجحه بعض المتأخرين. (ولو علم) الزوج (زناها واحتمل) على السواء (كون الولد منه ومن الزنا) بأن لم يستبرئها بعد وطئه، (حرم النفي) رعاية للفراش كا مر. وإنما ذكره توطئة لقوله: (وكذا) يحرم (القذف واللعان على الصحيح) لأن اللعان حجة ضرورية إنما يصار إليها لدفع النسب أو قطع النكاح حيث لا ولد على الفراش الملطخ، وقد حصل الولد هنا فلم يبق له فائدة والفراق ممكن بالطلاق. والثاني: يجوز انتقاما لها كما لو لم يكن ولد، وهذا ما ذكر الإمام أنه القياس فأثبته الشيخان وجها. ورد القياس بأن الولد يتضرر بنسبة أمه إلى الزنا وإثباته عليها باللعان، إذ يعير بذلك وتطلق فيه الألسنة فلا يحتمل هذا الضرر لغرض الانتقام.
تتمة: لو أتت امرأة بولد أبيض وأبواه أسودان أو عكسه لم يبح لأبيه بذلك نفيه ولو أشبهه من تتهم به أمه أو انضم إلى ذلك قرينة الزنا، لخبر الصحيحين: أن رجلا قال للنبي (ص) إن امرأتي ولدت غلاما أسود، قال: هل لك من إبل؟ قال: نعم، قال: فما ألوانها؟ قال: حمر، قال: هل فيها من أورق؟ قال: نعم، قال: فأنى أتاها ذلك؟ قال: عسى أن تكون نزعة عرق، قال: فلعل هذا نزعة عرق والأورق جمل أبيض يخالط بياضه سواد.
فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته المذكورة في قوله: ويتعلق بلعانه وفرقة الخ. وبدأ بالأول، فقال: (اللعان قوله) أي الزوج، (أربع مرات: أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به هذه) أي زوجته من (الزنا) إذا كانت حاضرة أما اعتبار العدد فللآيات السابقة أول الباب. وكررت الشهادة لتأكيد الامر لأنها أقيمت مقام أربع شهود من غيره ليقام عليها الحد، ولذلك سميت شهادات، وهي في الحقيقة أيمان، وأما الكلمة الخامسة الآتية فمؤكدة لمفاد الأربع، وأما اعتبار تسمية ما رماها به فلانه المحلوف عليه.
تنبيه: اقتصاره على قوله: هذه تبع فيه المحرر، وهو المذكور في المهذب، وظاهر عبارة الشرحين والروضة اعتبار زوجتي هذه، قال الزركشي: وهو المنقول في التتمة وتعليق البندنيجي. وأفهم أنه لا يحتاج مع الإشارة إليها إلى تسميتها، وهو الأصح عند الشيخين، لأن الكلام فيمن حضرت. وقيل: يجب الجمع بين الاسم والإشارة، قال الزركشي: وهو ظاهر النص، وكلام الجمهور. (فإن غابت) عن البلد أو مجلس اللعان لمرض أو حيض أو نحو ذلك،
(٣٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460