مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٤٤٦
لكن المنقول خلافه. (و) اعلم أن الفسخ حق الزوجة، وحينئذ (لا فسخ لولي صغيرة ومجنونة) وإن كان فيه مصلحة لهما (بإعسار بمهر ونفقة) كما لا يطلق عليهما، وإن كان فيه مصلحتهما، لأن الخيار يتعلق بالطبع والشهوة فلا يفوض إلى غير مستحقه. وينفق عليهما من مالهما، فإن لم يكن لهما مال أنفق عليهما من عليه نفقتهما كنفقة الخلية وتصير نفقتهما ومهرهما دينا عليه يطالب به إذا أيسر.
تنبيه: أفهم كلامه أن عدم فسخ ولي البالغة من باب أولى، والسفيهة البالغة هنا كالرشيدة. (ولو أعسر زوج أمة) أو من فيها رق كما فهم بالأولى بالنفقة (أو الكسوة فلها الفسخ) بذلك وليس للسيد منعها منه لأنه حقها، فإن ضمن لها النفقة بعد طلوع فجر يومها صح كضمان الأجنبي. فإن قيل: كيف يضمن السيد وهو رب الدين دينه؟
أجيب بأن النفقة في الأصل لها ثم يتلقاها السيد، فصح ضمانه.
تنبيه: استثني من ثبوت الخيار لها ما لو أنفق السيد عليها من ماله فإنه لا خيار لها حينئذ، وما لو كانت زوجة أحد أصول سيدها الموسر الذي يلزمه إعفافه لأن نفقتها على سيدها، وحينئذ فلا فسخ له ولا لها. وألحق بها نظائرها، كما لو زوج أمته بعده واستخدمه، فإن لم يستخدمه وعجز عن الكسب فيظهر أن لها الفسخ إن لم ترض بذمته ولم ينفق عليها السيد أخذا مما مر. (فإن رضيت) وهي مكلفة بإعساره، (فلا فسخ للسيد في الأصح) والثاني: له الفسخ، لأن الملك في النفقة له وضرر فواتها يعود إليه. وأجاب الأول بما مر فيكون الفسخ لها.
تنبيه: احترز بالنفقة عن المهر فلا يثبت الفسخ لها بإعساره قبل الدخول، بل هو للسيد لأنه محض حقه ولا ضرر عليها في فواته. وعلى الأول لا يلزم السيد نفقتها إذا كانت بالغة عاقلة، ولكن (له أن يلجئها إليه) أي الفسخ (بأن لا ينفق عليها ويقول) لها (افسخي أو جوعي) دفعا للضرر عنه، فإذا فسخت أنفق عليها واستمتع بها أو يزوجها من غيره وكفى نفسه مؤنتها، أما الصغيرة والمجنونة فيمتنع عليه إلجاؤهما إذ لا يمكنهما الفسخ.
فروع: للأمة مطالبة زوجها بالنفقة كما كانت تطالب السيد، فإن أعطاها لها برئ منها وملكها السيد دونها لأنها لا تملك، لكن لها قبضها وتناولها لأنها كالمأذونة في القبض بحكم النكاح وفي تناولها بحكم العرف، وتعلقت الأمة بالنفقة المقبوضة فليس له بيعها قبل إبدالها بغيرها، لأن نفقتها وإن كانت له بحق الملك، لكن لها فيها حق التوثق، فإن أبدلها جاز له التصرف فيها ببيع وغيره. ويجوز لها إبراء زوجها من نفقة اليوم لأنها للحاجة الناجزة فكأن الملك للسيد، إلا بعد القبض، أما قبله فيتمحض الحق لها ولا يصح إبراؤها من نفقة أمس كما في المهر، وأما السيد فيصح إبراؤه من نفقة الأمس. ولو ادعى الزوج تسليم النفقة الماضية أو الحاضرة أو المستقبلة فأنكرت الأمة صدقت بيمينها لأن الأصل عدم التسليم، فإن صدقه السيد برئ من النفقة الماضية دون المستقبلة والحاضرة لأن الخصومة للسيد في الماضية كالمهر دون الحاضرة. ومن طولب بنفقة ماضية وادعى الاعسار يوم وجوبها حتى يلزمه نفقة المعسر وادعت هي اليسار فيه صدق بيمينه إن لم يعرف له مال وإلا فلا. ولو عجز العبد عن الكسب الذي كان ينفق منه ولم ترض زوجته بذمته كان لها الفسخ، وإن رضيت صارت نفقتها دينا عليه. ولو عجز السيد عن نفقة أم ولده أجبر على تخليتها لتكتسب وتنفق على نفسها أو على إيجارها ولا يجبر على عتقها أو تزويجها كما لا يرفع ملك اليمين بالعجز عن الاستمتاع، فإن عجزت عن الكسب فنفقتها في بيت المال.
فصل: في نفقة القريب، والموجب لها قرابة البعضية فقط: (يلزمه) أي الشخص ذكرا كان أو غيره (نفقة الوالد) الحر (وإن علا) من ذكر أو أنثى، (والولد) الحر (وإن سفل) من ذكر أو أنثى. والأصل في الأول
(٤٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 441 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460