يرد ابن عم هو زوج أو أخ لأم، لأن ما يأخذه فرضا ليس من جهة التعصيب بل من جهة الزوجية، أو إخوة الأم ويدخل في ذلك الأب والجد والأخوات مع البنات. وأدخلت في كلامه ذوي الأرحام، إذ الصحيح في توريثهم مذهب أهل التنزيل كما مر فإنهم ينزلون كلا منهم منزلة من يدلي به، وهم ينقسمون إلى ذوي فرض وعصبات.
تنبيه: كل من ذكره من الرجال عصبة إلا الزوج والأخ للأم، وكل من ذكره من النساء ذات فرض إلا المعتقة. ثم ذكر المصنف بعد تعريف العصبة حكمه بقوله: (فيرث المال) وما ألحق به إذا انفرد، وذلك في بعض أحواله حيث لم يكن معه ذو فرض. ولم ينتظم في صورة ذوي الأرحام بيت المال، (أو ما فضل بعد الفروض) أو الفرض إن كان معه ذو فرض أو ذو فروض، أي سهم مقدر، ولم ينتظم في تلك الصورة بيت المال وكان ذو الفرض فيها أحد الزوجين. وتقدم بيان من له فرض. ومن حكم العاصب أيضا أنه يسقط عند استغراق الفروض كما سبق إلا إذا انقلب إلى فرض كالشقيق في المشركة، ومن حكمه أيضا أن قريب الجهة فيه مقدم على القريب للميت، فلو مات عن ابن ابن أخ وابن عم، فالأول أولى كما قاله القاضي حسين.
تنبيه: قوله: فيرث المال صادق بالعصبة بنفسه - وهو ما تقدم - وبنفسه وغيره معا، والعصبة بغيره هن البنات والأخوات غير ولد الأم مع أخيهن. وقوله: أو ما فضل الخ صادق بذلك، وبالعصبة مع غيره، وهن الأخوات مع البنات وبنات الابن، فليس لهن حال يستغرقن فيها المال. والفرق بين العصبة بغيره والعصبة مع غيره أن في الأول لحمة عصبة بخلاف الثاني.
فصل: في الإرث بالولاء: (من) مات و (لا عصبة له بنسب وله معتق فما له) وما ألحق به كله لمعتقه، (أو الفاضل) منه (عن) الفرض، أو (الفروض له رجلا كان) المعتق (أو امرأة) لاطلاق قوله (ص): إنما الولاء لمن أعتق، ولان الانعام بالاعتاق موجود من الرجل والمرأة فاستويا في الإرث، وحكى ابن المنذر فيه الاجماع. وإنما قدم النسب عليه لقوته، ويرشد إليه حديث: الولاء لحمة كلحمة النسب شبه به، والمشبه دون المشبه به. (فإن لم يكن) أي يوجد معتق (فلعصبته) أي المعتق، (بنسب المتعصبين بأنفسهم) كابنه وأخيه، (لا لبنته وأخته) ولو مع أخويهما المعصبين لهما، لأنهما من أصحاب الفروض، ولا للعصبة مع غيره. والمعنى فيه كما قاله ابن سريج أن الولاء أضعف من النسب المتراخي، وإذا تراخى النسب ورث الذكور دون الإناث كبني الأخ وبني العم دون أخواتهن، فإذا لم ترث بنت الأخ وبنت العم فبنت المعتق أولي أن لا ترث لأنهما أبعد منهما. والمعتبر أقرب عصباته يوم موت العتيق، فلو مات المعتق وخلف ابنين ثم مات أحدهما وخلف ابنا ثم مات العتيق فولاؤه لابن المعتق دون ابن ابنه.
تنبيه: كلام المصنف كالصريح في أن الولاء لا يثبت للعصبة في حياة المعتق بل إنما يثبت بعده. قال البلقيني:
وليس كذلك، بل الولاء ثابت لهم في حياة المعتق على المذهب المنصوص في الأم، إذ لو لم يثبت لهم الولاء إلا بعد موته لم يرثوا. وقال السبكي: يتلخص للأصحاب فيه وجهان: أصحهما أنه لهم معه، لكن هو المقدم فيما يمكن جعله له كإرث المال ونحوه. والثاني: لا يكون إلا بعد موته لا بطريق الانتقال الذي هو الإرث. (وترتيبهم) أي عصبات المعتق (كترتيبهم في النسب) فيقدم ابن المعتق ثم ابنه وإن سفل ثم أبوه ثم جده وإن علا، وهكذا. (لكن الأظهر أن أخا المعتق) لأبوين أو لأب (وابن أخيه) لهما (يقدمان على جده) جريا على القياس في أن البنوة أقوى من الأبوة. وإنما خولف في النسب لاجماع الصحابة رضي الله تعالى عنهم على أن الأخ لا يسقط الجد، ولا إجماع