تنبيه: أفهم قوله: لم يقع عدد وقوع واحدة، وهو كذلك، لأن الواحد ليس بعدد. (فإن قال مع ذلك) القول أو الإشارة (هكذا طلقت في) إشارة أصبع طلقة، وفي إشارة (إصبعين طلقتين، وفي) إشارة (ثلاث) من الأصابع (ثلاثا) وإن لم ينو، لأن الإشارة بالأصابع في العدد بمنزلة النية، وفي الحديث: الشهر هكذا وهكذا وأشار بأصابعه الكريمة وخنس إبهامه في الثالثة وأراد تسعة وعشرين. فدل على أن اللفظ مع الإشارة يقوم مقام اللفظ بالعدد.
تنبيه: لا بد أن تكون الإشارة مفهمة للطلقتين أو الثلاث كالنظر للأصابع أو تحريكها أو ترديدها، وإلا فقد يعتاد الانسان الإشارة بأصابعه الثلاث في الكلام فلا يظهر الحكم بوقوع العدد إلا بقرينة، قاله الإمام وأقراه. ولو قال بعد ذلك: أردت واحدة لم يقبل. وخرج بقوله: مع ذلك ما لو قال: أنت هكذا وأشار بأصابعه الثلاث ولم يقل:
طالق فإنها لا تطلق وإن نوى الطلاق كما في زيادة الروضة، لأن اللفظ لا يشعر بطلاق. (فإن قال: أردت بالإشارة) بالثلاث الإصبعين (المقبوضتين، صدق بيمينه) ولم يقع أكثر من طلقتين لاحتمال الإشارة بهما، فإن قال: أردت إحداهما لم يصدق لأن الإشارة صريحة في العدد كما مر فلا يقبل خلافها. ولو عكس فأشار بأصبعين، وقال: أردت بالإشارة الثلاث المقبوضة صدق بطريق الأولى لأنه غلظ على نفسه. ولو كانت الإشارة بيد مجموعة ولم ينو عددا وقع واحدة كما بحثه الزركشي. ولو قال: أنت الثلاث ونوى الطلاق لم يكن شيئا، ذكره الماوردي وغيره. ولو قال: أنت طالق أشار بأصبعه، ثم قال: أردت بها الإصبع دون الزوجة لم يقبل ظاهرا قطعا ولم يدين على الأصح. ثم أشار بفروع من فروع ابن الحداد، (و) هو ما (لو قال عبد) لزوجته: (إذا مات سيدي فأنت طالق طلقتين، وقال) له (سيده: إذا مت) أنا (فأنت حر، فعتق) كله (به) أي بموت سيده، (فالأصح أنها لا تحرم) عليه الحرمة الكبرى، (بل له الرجعة) في عدتها (وتجديد) النكاح بعد انقضائها (قبل زوج) آخر، لأن وقوع الطلقتين وعتق العبد معلقان معا بالموت فوقعا معا، والعتق كما لا يتقدم الطلاق لم يتأخر. فإذا وقعا معا غلب جانب الحرية لتشوف الشارح إليها فكان العتق مقدما. والثاني: تحرم فلا تحل له إلا بمحلل، لأن العتق لم يتقدم وقوع الطلاق. وخرج بعتق جميعه ما لو عتق بعضه بأن لم يخرج من الثلث ولم يجز الوارث فإنها تبين بالطلقتين لأن المبعض كالقن في عدد الطلقات.
تنبيه: لا تختص المسألة بموت السيد بل يجري الخلاف في كل صورة تعلق عتق العبد به. ووقوع طلقتين على زوجته بصفة واحدة، كما لو قال العبد: إذا جاء الغد فأنت طالق طلقتين، وقال السيد: إذا جاء الغد فأنت حر فإذا جاء الغد عتق وطلقت طلقتين ولا تحرم عليه قطعا، لأن العتق سبق وقوع الطلاق. ولو علق السيد عتقه بموته وعلق العبد الطلقتين بآخر جزء من حياة سيده ثم مات سيده انقطعت الرجعة، واشترط المحلل قطعا لتقدم الطلاق على العتق.
ولو علق زوج الأمة طلاقها وهي غير مدبرة بموت سيدها وهو وارثه فمات السيد انفسخ النكاح ولم تطلق، وإن كانت مكاتبة أو كان على السيد دين، لأنها بموته تنتقل إليه كلها أو بعضها فينفسخ النكاح فلا يصادف الطلاق محلا، أما المدبرة فتطلق إن عتقت بموت سيدها ولو بإجارة الوارث العتق. (ولو نادى إحدى زوجتيه) مثلا كحفصة (فأجابته الأخرى) كعمرة (فقال) لها (أنت طالق وهو يظنها المناداة لم تطلق المناداة) جزما لأنها لم تخاطب بالطلاق وظن خطابها به لا يقتضي وقوعه عليها. (وتطلق المجيبة في الأصح) لخطابها بالطلاق. والثاني: لا، لانتفاء قصدها وخرج بيظنها ما لو علم أن المجيبة غير المناداة، فإن قصد طلاقها طلقت فقط أو المناداة وحدها حكم بطلاقها، أما المناداة فظاهرا وباطنا وأما المخاطبة فظاهرا ويدين. (ولو علق) طلاقها بغير كلما (بأكل رمانة) ك إن أكلت رمانة فأنت طالق، (وعلق)