وجوب المتعة، بدليل أنهما لو ارتدا معا لا متعة ويجب الشطر، والفرق أن ملكها للصداق سابق على الردة بخلاف المتعة، ومثل ذلك ما لو سبيا معا. ولو اشتراها الزوج لم تستحق متعة وإن استدعى الزوج شراءها لأنها تجب بالفرقة فتكون للمشتري، فلو أوجبناها لأوجبناها له على نفسه فلم تجب، بخلاف المهر فإنه يجب بالعقد فوجب للبائع. وتجب المتعة لسيد الأمة وفي كسب العبد كالمهر. (ويستحب أن لا تنقص) المتعة (عن ثلاثين درهما) أو ما قيمته ذلك، قال في البويطي: وهذا أدنى المستحب، وأعلاه خادم، وأوسطه ثوب اه. ويسن أن لا تبلغ نصف مهر المثل كما قاله ابن المقري، فإن بلغته أو جاوزته جاز لاطلاق الآية. قال البلقيني وغيره: ولا يزيد وجوبا على مهر المثل، ولم يذكروه اه. ومحل ذلك ما إذا فرضه الحاكم، ويشهد له من كلام الأصحاب نظائر: منها أن الحاكم لا يبلغ بحكومة عضو مقدره، ومنها أن لا يبلغ بالتعزير الحد وغير ذلك. أما إذا اتفق عليها الزوجان فلا يشترط ذلك، ويحمل على هذا كلام من اعترض على البلقيني، وقال:
الأوجه خلاف كلامه، بل مقتضى النظائر أن لا يصل إلى مهر المثل إذا فرضها القاضي، وهو ظاهر. ثم إن تراضيا على شئ فذاك، (فإن تنازعا) في قدرها (قدرها القاضي بنظره) أي اجتهاده بحسب ما يليق بالحال، (معتبرا حالهما) من يسار الزوج وإعساره ونسبها وصفاتها، لقوله تعالى: * (ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره) * * (وللمطلقات متاع بالمعروف) *. (وقيل) يعتبر (حاله) فقط، لظاهر الآية وكالنفقة. (وقيل: حالها) فقط لأنها كالبدل عن المهر وهو معتبر. (وقيل) لا يقدرها بشئ، بل الواجب (أقل مال) متمول كما يجوز جعله صداقا. وفرق بأن المهر بالتراضي، وعلى تقديره يجب ما يقرره.
فصل: في التحالف عند التنازع في المهر المسمى: إذا (اختلفا) أي الزوجان قبل وطئ أو بعده مع بقاء الزوجية أو زوالها، (في قدر مهر) مسمى وكان ما يدعيه الزوج أقل كقوله: عقد بألف، فقالت: بل بألفين، (أو) في (صفته) الشاملة لجنسه والحلول والتأجيل وقدر الاجل، كأن قالت: بألف دينار، فقال: بل بألف درهم، أو قالت: بألف صحيحة، فقال:
بل مكسرة، أو بحال فقالت: بل بمؤجل أو بمؤجل إلى سنة، فقال: بل إلى سنتين، ولا بينة لأحدهما أو تعارضت بينتاهما، (تحالفا) قياسا على البيع، لأن كل واحد منهما مدع ومدعى عليه. وكيفية اليمين ومن يبدأ به على ما مر في البيع، لكن يبدأ هنا بالزوج لقوة جانبه بعد التحالف ببقاء البضع له.
تنبيه: لو وجب مهر مثل لفساد التسمية ونحوه فاختلفا في مقداره فلا تحالف، ويصدق الزوج بيمينه لأنه غارم والأصل براءة ذمته عما زاد. (ويتحالف) عند الاختلاف السابق أيضا (وارثاهما أو وارث واحد) منهما (والآخر) لقيامه مقام مورثه.
تنبيه: قضيته أنه كتحالف الزوجين، وليس مرادا، فإن الزوجين يحلفان على البت في النفي والاثبات، والوارث يحلف على البت في الاثبات، ونفي العلم في النفي على القاعدة في الحلف على فعل الغير، فيقول وارث الزوج:
والله لا أعلم أن مورثي نكحها بألف وإنما نكحها بخمسمائة، ويقول وارث الزوجة: والله لا أعلم أنه نكح مورثتي بخمسمائة وإنما نكحها بألف. (ثم) بعد التحالف المذكور (يفسخ المهر) المسمى لمصيره بالتحالف مجهولا، ولا ينفسخ بنفس التحالف كالبيع. وأشار إلى فائدة التحالف بقوله: (ويجب مهر مثل) وإن زاد على ما ادعته، لأنهما لما تحالفا وجب رد البضع وهو لا يمكن فيجب بدله كالمبيع التالف. والكلام فيمن يفسخه على الخلاف فيمن يفسخ البيع بعد التحالف، وفي أنه هل يفسخ ظاهرا وباطنا أو ظاهرا فقط الخلاف في البيع. أما إذا كان مدعى الزوج الأكثر