كتاب القسم بفتح القاف وسكون السين مصدر قسمت الشئ، وأما بالكسر فالنصيب. والقسم بفتح القاف والسين: اليمين.
(والنشوز) هو الخروج عن الطاعة. وكان ينبغي للمصنف أن يزيد في الترجمة: وعشرة النساء، إذ هو مقصود الباب.
(يختص القسم) أي وجوبه (بزوجات) أي بثنتين منهن فأكثر ولو كن غير حرائر، لقوله تعالى: * (فإن خفتم ألا تعدلوا) * أي في القسم الواجب، * (فواحدة أو ما ملكت أيمانكم) * فأشعر أنه لا يجب في ملك اليمين، فلا دخل للاماء غير الزوجات فيه وإن كن مستولدات أو مع زوجات لأنه لا حق لهن في الاستمتاع. والمراد بالاختصاص الوجوب كما مر فإنه مستحب في الإماء كيلا يحقد بعض الإماء على بعض ويسن أيضا عدم تعطيلهن.
تنبيه: إدخال الباء على المقصور عليه خلاف الكثير من دخولها على المقصور، فلا حاجة حينئذ لدعوى بعضهم القلب في كلام المتن الذي هو خلاف مقتضى الظاهر، ولا يرد عليه الموطوءة بشبهة ولا الرجعية وإن كانت في حكم الزوجات لتعارض المانع والمقتضي. (و) المراد من القسم للزوجات، والأصل فيه الليل كما سيأتي أن يبيت عندهن ولا يلزمه ذلك ابتداء لأنه حقه فله تركه، بل (من بات عند بعض نسوته) بقرعة أو غيرها، (لزمه) ولو عنينا ومجبوبا ومريضا المبيت (عند من بقي) منهن لقوله (ص): إذا كان عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه مائل أو ساقط رواه أصحاب السنن وصححه ابن حبان والحاكم. وكان (ص) يقسم بين نسائه ويطاف به عليهن في مرضه حتى رضين بتمريضه في بيت عائشة رضي الله تعالى عنها، وفيه دليل على أن العذر والمرض لا يسقط القسم. وظاهر هذا أن القسم كان واجبا عليه (ص) وهو المشهور في المذهب، وقول العراقيين خلافا للاصطخري في عدم وجوبه لقوله تعالى: * (ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء) * ولكنه (ص) كان يقسم تكرما.
تنبيه: عبارته توهم أنه إنما يجب القسم إذا بات عند واحدة، وليس مرادا بل يجب عند إرادته ذلك، ويحرم الابتداء بواحدة بلا قرعة على الأصح كما سنذكره. وقوله: بات يقتضي أنه لو كان يقيم عند إحداهن نهارا يجوز على الدوام من غير قضاء لعدم البيتوتة، لأن بات في اللغة يكون بالليل غالبا، وهو بعيد، والأولى أن يجعل بات في كلامه بمعنى صار فلا يختص بوقت، ومنه قوله تعالى: * (والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما) *. ولا تجب التسوية بينهن في الجماع، فإنه يتعلق بالنشاط والشهوة وهي لا تتأتى في كل وقت ولا في سائر الاستمتاعات. ولا يؤاخذ بميل القلب إلى بعضهن، لأنه (ص) كان يقسم بين نسائه ويقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك رواه أبو داود وغيره، وصحح الحاكم إسناده. ويجوز أن يؤثر بعض نسائه بالتبرع دون بعض وإن استوحش بذلك والأولى التسوية في ذلك وفي سائر الاستمتاعات. (ولو أعرض عنهن) ابتداء أو بعد استكمال توبة أو أكثر، (أو عن الواحدة) التي ليس تحته غيرها فلم يبت عندهن ولا عندها، (لم يأثم) لأنه حقه كما مر فجاز له تركه كسكنى الدار المستأجرة، ولان في داعية الطبع ما يغني عن إيجابه.
تنبيه: عبارة المحرر: لم يكن لهن الطلب، وهي أولى من تعبير المصنف، إذ لا يلزم من نفي الاثم عدم الطلب بدليل المديون قبل الطلب لا يأثم بترك الدفع. (ويستحب أن لا يعطلهن) من المبيت ولا الواحدة، بأن يبيت عندهن أو عندها ويحصنها ويحصنهن، لأنه من المعاشرة بالمعروف ولان تركه قد يؤدي إلى الفجور. وأولى درجات الواحدة أن