مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٢٦٢
زيادة على ما مر لا الاجتهاد، ولا يشترط رضا الزوجين ببعثهما ويحكمان بما يرياه مصلحة من الجمع والتفريق.
خاتمة: يعتبر رشد الزوجة ليتأتى بذلها العوض لا رشد الزوج لأنه يجوز خلع السفيه فيجوز توكيله فيه. ولو قال الزوج لوكيله: خذ مالي منها ثم طلقها أو طلقها على أن تأخذ مالي منها اشترط تقديم أخذ المال على الطلاق، وكذا لو قال: خذ مالي منها وطلقها، كما نقله في الروضة عن تصحيح البغوي وأقره، لأن الوكيل يلزمه الاحتياط فيلزمه ذلك وإن لم تكن الواو للترتيب، فإن قال: طلقها ثم خذ مالي منها جاز تقديم أخذ المال على ما ذكر لأنه زيادة خير، قال الأذرعي: وكالتوكيل من جانب الزوج فيما ذكر التوكيل من جانب الزوجة، كأن قالت: خذ مالي منه ثم اختلعني.
كتاب الخلع بضم الخاء من الخلع بفتحها، وهو النزع، لأن كلا من الزوجين لباس الآخر، قال تعالى: * (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) * فكأنه بمفارقة الآخر نزع لباسه. و (وهو) في الشرع (فرقة) بين الزوجين (بعوض) مقصود راجع لجهة الزوج، (بلفظ طلاق أو خلع) كقوله: طلقتك أو خالعتك على كذا فتقبل، وسيأتي صحته بكنايات الطلاق. فالمراد بقوله: بلفظ طلاق لفظ من ألفاظه صريحا كان أو كناية ولفظ الخلع من ذلك كما سيأتي، وصرح به لأنه الأصل في الباب.
وخرج بمقصود الخلع بدم ونحوه فإنه رجعي ولا مال. ودخل براجع لجهة الزوج وقوع العوض للزوج ولسيده، وما لو خالعت بما ثبت لها من قود أو غيره، وخرج به ما لو علق الطلاق بالبراءة من مالها على غيره فيصح رجعيا. والأصل في الباب قبل الاجماع قوله تعالى: * (فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه) * والامر به في خبر البخاري في امرأة ثابت بن قيس بقوله له: أقبل الحديقة وطلقها تطليقة وهو أول خلع وقع في الاسلام. والمعنى فيه أنه لما جاز أن يملك الزوج الانتفاع بالبضع بعوض جاز أن يزيل ذلك الملك بعوض كالشراء والبيع، فالنكاح كالشراء والخلع كالبيع. وأيضا فيه دفع الضرر عن المرأة غالبا، ولكنه مكروه لما فيه من قطع النكاح الذي هو مطلوب الشرع، لقوله (ص) أبغض الحلال إلى الله تعالى الطلاق قال في التنبيه إلا في حالتين: إحداهما أن يخافا أو أحدهما أن لا يقيما حدود الله، أي ما افترضه في النكاح، لقوله تعالى: * (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا) * الآية، وذكر الخوف في الآية جرى على الغالب، لأن الغالب وقوع الخلع في حالة التشاجر، ولأنه جاز حالة الخوف وهي مضطرة إلى بذل المال ففي حالة الرضا أولى، وبالقياس على الإقالة في البيع. الحالة الثانية: أن يحلف بالطلاق الثلاث على فعل شئ لا بدله منه أي كالأكل والشرب وقضاء الحاجة، فيخلعها ثم يفعل الامر المحلوف عليه ثم يتزوجها، فلا يحنث لانحلال اليمين بالفعلة الأولى، إذ لا يتناول إلا الفعلة الأولى وقد حصلت. فإن خالعها ولم يفعل المحلوف عليه فيه قولان، أصحهما أنه يتخلص من الحنث، فإذا فعل المحلوف عليه بعد النكاح لم يحنث لأنه تعليق سبق هذا النكاح فلم يؤثر فيه كما إذا علق الطلاق قبل النكاح فوجدت الصفة بعد النكاح.
تنبيه: ظاهر كلامهم حصول الخلاص بالخلع ولو كان المحلوف على فعله مقيدا بمدة وهو كذلك، وخالف في ذلك بعض المتأخرين، قال السبكي: دخلت على ابن الرفعة فقال لي: استفنيت عمن حلف بالطلاق الثلاث لا بد أن يفعل كذا في هذا الشهر فخالع في الشهر فأفتيت بتخلصه من الحنث ثم ظهر لي أنه خطأ ووافقني البكري على التخلص فبينت له أنه خطأ. قال السبكي: ثم سألت الباجي ولم أذكر له كلام ابن الرفعة فوافقه. قال: ثم رأيت في الرافعي في آخر الطلاق: إنه لو قال إن لم تخرجي في هذه الليلة من هذه الدار فأنت طالق ثلاثا فخالع مع أجنبي من الليل وجدد النكاح ولم تخرج لم يقع الطلاق لأن الليل كله محل اليمين ولم يمض الليل وهي زوجة له حتى يقع الطلاق، وأنه لو كان بين يديه
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460