مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٧٩
قدر كفايته بشرط الضمان، وإن كان أبا أو جدا أو أما بحكم الوصية لها وكان فقيرا فنفقته على الطفل، وله أن ينفق على نفسه بالمعروف ولا يحتاج إلى إذن حاكم كما قاله ابن الصلاح.
كتاب الوديعة هي فعيلة، من ودع إذا ترك، ومنه قوله (ص): لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات والجماعات رواه مسلم: وفي النسائي دعوا الحبشة ما ودعوكم واتركوا الترك ما تركوكم وجمعها ودائع، قال الشاعر:
إذا أنت لا تبرح تؤدي أمانة وتحمل أخرى أثقلتك الودائع وهي لغة: الشئ الموضوع عند غير صاحبه للحفظ، وشرعا: تقال على الايداع وعلى العين المودعة، من ودع الشئ يدع إذا سكن لأنها ساكنة عند المودع، وقيل: من قولهم: فلان في دعة، أي راحة، لأنها في راحة المودع ومراعاته وحفظه، قال الشاعر:
استودع العلم قرطاسا فضيعه وبئس مستودع العلم القراطيس والأصح أنها عقد، فحقيقتها شرعا: توكيل في حفظ مملوك أو محترم مختص على وجه مخصوص، فدخل في ذلك صحة إيداع الخمر المحترمة، وجلد ميتة يطهر بالدباغ وزبل وكلب معلم. وخرج بمختص: ما لا اختصاص فيه كالكلب الذي لا يقتنى، وبتوكيل العين في يد ملتقط، وثوب طيرته ريح ونحوه، لأنه مال ضائع مغاير لحكم الوديعة.
والأصل فيها قبل الاجماع قوله تعالى: * (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) *، فهي وإن نزلت في رد مفتاح الكعبة إلى عثمان بن طلحة فهي عامة في جميع الأمانات. قال الواحدي: أجمعوا على أن الآية نزلت بسبب مفتاح الكعبة ولم ينزل في جوف الكعبة آية سواها، وقوله تعالى: * (فليؤد الذي ائتمن أمانته) *، وخبر: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك رواه الحاكم، وقال: على شرط مسلم. وروى البيهقي عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال وهو يخطب للناس:
لا يعجبنكم من الرجل طنطنته، ولكن من أدى الأمانة وكف عن أعراض الناس فهو الرجل. ولان بالناس حاجة بل ضرورة إليها، ولكن (من عجز عن حفظها حرم عليه قبولها) لأنه يعرضها للتلف، قال ابن الرفعة: ومحله إذا لم يعلم المالك بحاله وإلا فلا تحريم. وقال الزركشي: في ذلك نظر، والوجه تحريمه عليهما. أما على المالك فلاضاعته ماله، وأما على المودع فلإعانته على ذلك ممنوع، لأن الشخص إذا علم أن غيره يأخذ ماله لينفقه أو يعطيه لغيره لا يحرم عليه ولا على الآخذ إذا علم رضاه بذلك. والايداع صحيح مع الحرمة وأثر التحريم مقصور على الآثم، لكن لو كان المودع وكيلا أو ولي يتيم حيث يجوز له الايداع فهي مضمونة بمجرد الاخذ قطعا. (ومن قدر) على حفظها وهو في الحال أمين، (و) لكن (لم يثق بأمانته) بل خاف الخيانة من نفسه في المستقبل، (كره) له قبولها، وهو المعتمد، خشية الخيانة فيها. قال ابن الرفعة.
ويظهر أن هذا إذا لم يعلم المالك الحال، وإلا فلا تحريم ولا كراهة، وفيه ما مر.
تنبيه: جزمه بالكراهة لا يطابق كلام المحرر، فإنه قال: لا ينبغي أن يقبل، ومخالف لما في الروضة وأصلها من حكاية وجهين بالحرمة والكراهة بلا ترجيح. قال الأذرعي: وبالتحريم أجاب الماوردي وصاحب المهذب والروياني وغيرهم، وهو المختار. قال: ولكن محل الوجهين فيما إذا أودع مطلق التصرف مال نفسه وإلا فيحرم قبولها منه جزما. (فإن) قدر على حفظها، و (وثق) بأمانة نفسه فيها (استحب) له قبولها لأنه من التعاون المأمور به. هذا إذا لم يتعين عليه، فإن لم يكن ثم غيره وجب عليه كأداء الشهادة لكن بالأجرة، قال الرافعي: وهو محمول على أصل القبول كما بينه السرخسي دون إتلاف منفعته ومنفعة حرزه في الحفظ بلا عوض، وقضيته أن له أن يأخذ أجرة الحفظ كما يأخذ
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460