اقتضى كلام المصنف أنه من ابتداء الوطئ فإذا فرغ منه (راجع فيما كان بقي) من عدة الطلاق، فإن وقع الوطئ بعد قرءين ثبتت الرجعة في قرء واحد، وإن كان بعد قرء فله الرجعة في قرءين، لأن الرجعة تختص بعدة الطلاق فلا يراجع فيما زاد عليها بالوطئ، ولو قال: واستأنفت العدة لكان أعم يشمل ما قدرته في كلامه.
تنبيه: لو أحبلها بالوطئ راجعها ما لم تلد لوقوع عدة الوطئ عن الجهتين كالباقي من الأقراء، إلا أن ذلك يتبعض وعدة الحمل لا تتبعض، وإن ولدت فلا رجعة لانقضاء العدة واعلم أن للرجعية حكم الزوجات في أشياء وتخالفهن في أشياء وقد شرع في القسم الثاني، فقال: (ويحرم الاستمتاع بها) بوطئ وغيره حتى بالنظر ولو بلا شهوة كما يقتضيه كلام الروضة، لأنها مفارقة كالبائن، وإن اقتضى كلام الرافعي خلافه، ولان النكاح يبيح الاستمتاع فيحرمه الطلاق لأنه ضده. واحتجاج الحنفية على جواز الاستمتاع بها بتسميته بعلا، وأنه يطلق منقوض بالمظاهر وزوج الحائض. (فإن وطئ) الرجعية (فلا حد) عليه وإن كان عالما بالتحريم لاختلاف العلماء في إباحته، (ولا يعزر إلا معتقد تحريمه) إذا كان عالما بالتحريم لاقدامه على معصية عنده بخلاف معتقد حله والجاهل بتحريمه لعذره، ومثله في ذلك المرأة، وكالوطئ في التعزير سائر التمتعات. (ويجب) بوطئ الرجعية (مهر مثل) جزما (إن لم يراجع) لأنها في تحريم الوطئ كالمتخلفة في الكفر فكذا في المهر.
تنبيه: ظاهر كلامهم وجوب مهر واحد ولو تكرر، قال البلقيني: لم نر من تعرض له. والقياس على ما ذكروه في الوطئ في النكاح الفاسد ووطئ الأب والشرك والمكاتب أنه لا يجب إلا مهر واحد. (وكذا) يجب المهر (إن راجع) بعده (على المذهب) المنصوص. واستشكل إيجاب المهر بالوطئ بأنه يؤدي إلى إيجاب مهرين في عقد واحد. وأجيب بأن المهر الثاني بوطئ الشبهة لا بالعقد. والطريق الثاني: لا يجب في قول مخرج من نفيه فيما إذا ارتدت بعد الدخول فوطئها الزوج ثم أسلمت في العدة أنه لا يجب مهر، وخرج قول وجوبه من النص في وطئ الرجعية، والراجح تقرير النصين. والفرق أن أثر الردة يرتفع بالاسلام، وأثر الطلاق لا يرتفع بالرجعة، والحل بعدها كالمستفاد بعقد آخر. ثم شرع في القسم الأول، فقال: (ويصح) من الرجعية (إيلاء فظهار) إن حصلت الرجعة بعدهما كما سيأتي في بابهما، (وطلاق) ولو بخلع معين أو مرسل كزوجاتي طوالق فتدخل الرجعية فيهن على الأصح. (ولعان) لبقاء الولاية عليها بملك الرجعية. (و) الزوج والرجعية (يتوارثان) فيرث منهما الآخر. وتقدم مسألتنا التوارث والطلاق في الطلاق في فصل الأجنبية به، وذكرها المصنف هنا تتميما لأحكام الرجعية وإشارة إلى قول الشافعي رضي الله عنه: الرجعية زوجة في خمس آيات من كتاب الله تعالى، أي آيات المسائل الخمس المذكورة. وسكت هنا عن وجوب نفقتها لذكره له في كتاب النفقات.
تنبيه: الرجعية على المختار في أصل الروضة مترددة بين الزوجة والأجنبية، والترجيح بحسب ظهور دليل لأحدهما تارة وللآخر أخرى. قال في الروضة: ونظيره القولان في أن النذر يملك به مسلك واجب الشرع أو جائزه في أن الابراء إسقاط أو تمليك. ثم شرع في بيان الاختلاف في الرجعة فقال: (وإذا ادعى) على رجعية (والعدة منقضية) هي جملة حالية، (رجعة فيها) أي العدة ولم تنكح غيره، (فأنكرت) نظرت، (فإن اتفقا على وقت الانقضاء) لعدتها كيوم الجمعة، (وقال) هو: (راجعت يوم الخميس، فقالت) هي: (بل السبت) راجعتني فيه، (صدقت) على الصحيح (بيمينها) أنها لا تعلمه راجع يوم الخميس، لأن الأصل عدم الرجعة إلى يوم السبت.