مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ١٢٠
يكره له كما سيأتي، والأصل في ذلك الاتباع في نعم الصدقة والقياس في غيرها. أما نعم غير الزكاة والفئ فوسمه مباح لا مندوب ولا مكروه، قاله في المجموع. وكالنعم الخيل والبغال والحمير والفيلة. والوسم بالمهملة: التأثير بالكي وغيره، وجوز بعضهم الاعجام، حكاه المصنف في شرح مسلم، وبعضهم فرق فجعل المهملة للوجه والمعجمة لسائر الجسد. ويكتب على نعم الزكاة ما يميزها عن غيرها، فيكتب عليها: زكاة أو صدقة أو طهرة أو لله، وهو أبرك وأولى اقتداء بالسلف، ولأنه أقل حروفا، فهو أقل ضررا، قاله الماوردي والروياني، وحكى ذلك في المجموع عن ابن الصباغ وأقره. وعلى نعم الجزية، جزية أو صغار بفتح الصاد: أي ذل، وهذا أولى لقوله تعالى: * (وهم صاغرون) *. فإن قيل: لم جاز الوسم بالله مع أنها قد تتمرغ على النجاسات؟ أجيب بأن الغرض التمييز لا الذكر. قال الأذرعي: والحرف الكبير ككاف الزكاة أو صاد الصدقة، أو جيم الجزية، أو فاء الفئ كاف، ويكتب ذلك (في موضع) ظاهر صلب (لا يكثر شعره) والأولى في الغنم آذانها وفي غيرها أفخاذها. ويكون وسم الغنم ألطف من البقر، والبقر ألطف من الإبل، والإبل ألطف من الفيلة. (ويكره) الوسم (في الوجه) للنهي عنه (قلت: الأصح يحرم، وبه جزم) الإمام محيي السنة أبو محمد الحسين بن مسعود (البغوي) في تهذيبه (وفي صحيح مسلم) بن الحجاج بن مسلم القشيري نسبا النيسابوري وطنا، مات سنة إحدى وستين ومائتين عن خمس وخمسين سنة. (لعن فاعله، والله أعلم) أشار إلى حديث جابر رضي الله تعالى عنه: أنه (ص) مر بحمار وسم في وجهه فقال: لعن الله الذي وسمه. قال الأسنوي: وقد نص عليه أيضا في الأم قال: والخبر عندنا يقتضي التحريم فينبغي رفع الخلاف وحمل الكراهة على التحريم، أو أن قائله لم يبلغه الحديث. قال في المجموع: وهذا في غير الآدمي، أما الآدمي فوسمه حرام إجماعا. وقال فيه أيضا: يجوز الكي إذا دعت الحاجة إليه بقول أهل الخبرة وإلا فلا، سواء نفسه أو غيره من آدمي أو غيره، ويجوز خصاء ما يؤكل في صغره لأنه يطيب اللحم ويحرم في الكبير، وكذا خصاء ما لا يؤكل، ويحرم التهريش بين البهائم، ويكره إنزاء الحمر على الخيل، قاله الدميري، وعكسه قال الأذرعي: والظاهر تحريم إنزاء الخيل على البقر لضعفها وتضررها بكبر آلة الخيل.
فصل: في صدقة التطوع، وهي المرادة عن الاطلاق غالبا: (صدقة التطوع سنة) للكتاب والسنة، فمن الكتاب قوله تعالى: * (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا) * ومن السنة قوله (ص): من أطعم جائعا أطعمه الله من ثمار الجنة، ومن سقى مؤمنا على ظمأ سقاه الله عز وجل يوم القيامة من الرحيق المختوم، ومن كسا مؤمنا عاريا كساه الله من خضر الجنة رواه أبو داود والترمذي بإسناد جيد، وخضر الجنة بإسكان الضاد المعجمة: ثيابها الخضر. وقوله (صلى الله عليه وسلم): ما تصدق أحد من كسب طيب إلا أخذها الله بيمينه فيربيها كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتى تكون أعظم من الجبل العظيم. وقد يعرض لها ما يحرمها كأن يعلم من آخذها أنه يصرفها في معصية. وقد تجب في الجملة كأن وجد مضطرا ومعه ما يطعمه فاضلا عن حاجته، وذلك معلوم في محله. (وتحل لغني) ولو من ذوي القربى على المشهور، لقول جعفر بن محمد عن أبيه أنه كان يشرب من سقايات بين مكة والمدينة فقيل له: أتشرب من الصدقة؟ فقال: إنما حرم الله علينا الصدقة المفروضة. رواه الشافعي والبيهقي. ومثلهم مولاهم بل أولى، لا للنبي (ص) على الأظهر تشريفا له، ففي الصحيحين: تصدق الليلة على غني، وفيه: لعله أن يعتبر فينفق مما آتاه الله. قال في الروضة: ويستحب للغني التنزه عنها، ويكره له التعرض لاخذها. قال الأسنوي: ويكره له أخذها وإن لم يتعرض لها. ويحرم عليه أخذها إن أظهر الفاقة، وعليه حملوا خبر الذي مات من أهل الصفة وترك دينارين فقال (ص): كيتان من نار. والمراد بالغني هو الذي يحرم عليه أخذ الزكاة. فإن قيل: قد تقدم في الحديث أن الميت خلف دينارين، وهذا ليس غني الزكاة.
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460