مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٩٩
بل يوزع عليهم لاستحقاقهم له كالغنيمة، وصححه ابن الرفعة.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف بل صريحه أن الإمام لا يبقي في بيت المال شيئا من الفئ ما وجد له مصرفا، فيصرف مال كل سنة إلى مصارفه ولا يدخر شيئا خوفا لنازلة تأسيا بأبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما، فإنهما ما كانا يدخران شيئا، ثم إن نزل بالمسلمين نازلة فعلى المسلمين القيام بأمرها، وإن غشيهم العدو على جميعهم أن ينفروا. فإن لم يجد مصرفا ابتدأ رباطات ومساجد على حسب رأيه. وهذا ما جزم به في الروضة كأصلها. قال الإمام: والذي ذهب إليه المحققون أن له أن يدخر في بيت المال لأجل الحوادث اه‍. فإن ضاق الفئ عن كفايتهم قسم بينهم على قدر أرزاقهم، قاله الماوردي.
(هذا) السابق كله (حكم منقول) مال (الفئ. فأما عقاره) من أرض أو بناء، (فالمذهب أنه) أي جميعه (يجعل وقفا) أي ينشئ الإمام وقفه، (وتقسم غلته) كل سنة (كذلك) أي مثل قسمة المنقول، لأنه أنفع لهم، فتصرف أربعة أخماس الغلة للمرتزقة وخمسها للمصالح وذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل.
تنبيه: يفهم من كلام المصنف أشياء: أحدها أنه لا يصير وقفا بنفس الحصول، بل لا بد من إنشاء وقف كما مر، وقيل: يصير وقفا بنفس الحصول كرق النساء بنفس الأسر، وهو مقابل المذهب ثانيها: تحتم الوقف، وليس مرادا، بل الذي في الشرح والروضة أن الإمام لو رأى قسمته أو بيعه وقسمة ثمنه جاز له ذلك، لكن لا يقسم سهم المصالح، بل يوقف وتصرف غلته في المصالح أو تباع ويصرف ثمنه إليها، ولكن الوقف أولى. ثالثها: أن المراد بالوقف الوقف الشرعي، وهو الأصح، وقيل: المراد الوقف عن التصرف بالقسمة لا الوقف الشرعي.
فصل: في الغنيمة وما يتبعها: (الغنيمة) لغة: الربح، كما سبق أول الباب. وشرعا (مال) وما التحق به كخمرة محترمة، (حصل) لنا (من كفار) أصليين حربيين مما هو لهم (بقتال) منا (وإيجاف) بخيل أو ركاب أو نحوهما مما مر ولو بعد انهزامهم في القتال، أو قبل شهر السلاح حين التقى الصفان. ومن الغنيمة ما أخذ من دراهم سرقة أو اختلاسا أو لقطة أو ما أهدوه لنا أو صالحونا عليه والحرب قائمة. وأما المرهون الذي للحربي عند مسلم أو ذمي والمؤجر الذي له عند أحدهما إذا انفك الرهن وانقضت مدة الإجارة فهل هو فئ أو غنيمة؟ وجهان، أشبههما ما قال الزركشي. الثاني: ويرد على طرد هذا الحد المتروك بسبب حصولنا في دراهم وضرب معسكرنا فيهم فإنه ليس غنيمة في أصح الوجهين عند الإمام مع وجود الايجاف، وعلى عكسه ما أخذ على وجه السرقة أو نحوها فإنه غنيمة كما مر. وخرج بما ذكر ما حصله أهل الذمة من أهل الحرب بقتال، فالنص أنه ليس بغنيمة فلا ينزع منهم، وما أخذ من تركة المرتد فإنه فئ لا غنيمة كما مر، وما أخذ من ذمي كجزية فإنه فئ كما مر أيضا. ولو أخذنا منهم ما أخذوه من مسلم أو ذمي أو نحوه بغير حق لم نملكه. ولو غنم ذمي ومسلم فهل يخمس الجميع أو يصيب المسلم؟ وجهان، أظهرهما الثاني كما رجحه بعض المتأخرين، وصرح الماوردي في قسم الصدقات بأنه لا يغنم مال من لم تبلغه الدعوة، وهو محمول على من تمسك بدين حق ولم تبلغه دعوة النبي (ص) أو لم تبلغه دعوة أصلا، أما لو كان متمسكا بدين باطل فلا، بل هو كغيره من الكفار.
تنبيه: قوله: وإيجاف بالواو هنا بمعنى أو لئلا يرد المأخوذ بقتال الرجالة وبالسفن فإنه غنيمة كما تقرر ولا إيجاف فيه. وإذا تقرر ذلك (فيقدم منه) أي أصل مال الغنيمة (السلب) بالتحريك، (للقاتل) المسلم، سواء أكان حرا أم لا، ذكرا أم لا، بالغا أم لا، شرطه له الإمام أم لا، فارسا أم لا، وذلك لخبر الشيخين: من قتل قتيلا فله سلبه. وروى أبو داود، أن أبا طلحة رضي الله تعالى عنه قتل يوم خيبر عشرين قتيلا وأخذ أسلابهم.
تنبيه: يستثنى من إطلاقه الذمي فإنه لا يستحق لسلب سواء أحضر بإذن الإمام أم لا، والمخذل والمرجف والخائن ونحوهم ممن لا سهم له ولا رضخ. قال الأذرعي: وأطلقوا استحقاق العبد المسلم السلب، ويجب تقييده بكونه لمسلم على
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460