نقدا وينقص لذلك بقدر ما يليق بالعرض. (قلت: ويفرض مهر مثل) بلا زيادة ولا نقص لأنه قيمة البضع ودفعا للضرر من الجانبين، نعم تغتفر الزيادة أو النقص اليسير الواقع في محل الاجتهاد الذي يحتمل مثله في قدر مهر المثل.
تنبيه: قضية كلام الشيخين منع الزيادة والنقص وإن رضي الزوجان، وهو كذلك لأن منصبه يقتضي ذلك ثم إن شاءا بعد ذلك فعلا ما شاءا، واختار الأذرعي الجواز. (ويشترط علمه) أي القاضي (به) أي مهر المثل، (والله أعلم) حتى لا يزيد عليه ولا ينقص عنه إلا بالتفاوت اليسير، ولا يتوقف ما يفرضه على رضاهما لأنه حكم منه. (ولا يصح فرض أجنبي من ماله في الأصح) لأنه خلاف ما يقتضيه العقد. والثاني: يصح كما يؤدي الصداق عن الزوج بغير إذنه.
تنبيه: محل الخلاف إذا لم يأذن الزوج للأجنبي وإلا فيجوز قطعا كما صرح به في الذخائر.
فروع: لا يصح إبراء المفوضة عن مهرها ولا إسقاط فرضها قبل الفرض والوطئ فيهما. أما الأول فلانه إبراء عما لم يجب، وأما الثاني فكإسقاط زوجة المولي حقها من مطالبة زوجها. ولا يصح الابراء عن المتعة ولو بعد الطلاق، لأنه قبل الطلاق إبراء عما لم يجب وبعده إبراء عن مجهول. ولو فسد المسمى وأبرأت عن مهر المثل وهي تعرفه صح وإلا فلا. ولو علمت أنه لا يزيد على ألفين وتيقنت أنه لا ينقص عن ألف فأبرأت زوجها من ألفين نفذ، وهذه حيلة في الابراء من المجهول، وهي أن يبرئ من له عليه دين لا يعلم قدره من قدر يعلم أنه أكثر مما عليه. ( والفرض) أي المفروض (الصحيح كمسمى) في العقد، (فيتشطر بطلاق) بعد عقد و (قبل وطئ) سواء أكان الفرض من الزوجين أو من الحاكم، لعموم قوله تعالى: * (وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم) *، أما المفروض الفاسد كخمر فلا يتشطر به مهر المثل، ولا عبرة به بعد إخلاء العقد عن الفرض بالكلية بخلاف فاسد المسمى في العقد لعدم إخلاء العقد من العوض.
(ولو طلق) الزوج (قبل فرض وطئ فلا شطر) لمفهوم الآية، والمراد أنه لا يجب لها شئ من المهر ولها المتعة كما سيأتي آخر الباب (وإن مات أحدهما) أي الزوجين (قبلهما) أي الفرض والوطئ، (لم يجب مهر مثل في الأظهر) كالطلاق. (قلت: الأظهر وجوبه، والله أعلم) لأنه كالوطئ في تقريره المسمى، فكذا في إيجاب مهر المثل في التفويض، ولان بروع بنت واشق نكحت بلا مهر فمات زوجها قبل أن يفرض لها، فقضى لها رسول الله (ص) بمهر نسائها وبالميراث، رواه أبو داود وغيره، وقال الترمذي: حسن صحيح، وعلق في الأم القول به على صحة الحديث، ونقل الحاكم في المستدرك عن شيخه محمد بن يعقوب الحافظ أنه قال: لو حضرت الشافعي لقمت على رؤوس أصحابه وقلت: قد صح الحديث فقل به اه. وقد قال به رضي الله تعالى عنه في البويطي، وإنما توقف في غيره لعدم صحة الحديث عنده إذ ذاك.
تنبيه: قد مر أنه يعتبر مهر المثل في المفوضة فيما إذا وطئت بأكثر مهر مثل من العقد إلى الوطئ، فهل هنا كذلك أو يعتبر بحال العقد أو الموت؟ أوجه في الروضة وأصلها بلا ترجيح، أوجهها أولها لأن البضع دخل في ضمانه بالعقد وتقرر عليه بالموت كالوطئ، وقال بعض المتأخرين: ينبغي اعتبار الثاني. ولما قدم المصنف رحمه الله تعالى وجوب مهر المثل في الصداق الفاسد وفي التفويض احتاج إلى بيانه بما يضبطه فترجم له بفصل، فقال:
فصل: أي في ضابط ذلك: (مهر المثل ما يرغب به في مثلها) عادة، (وركنه) أي مهر المثل (الأعظم نسب) في النسيبة لوقوع التفاخر به كالكفاءة في النكاح.