أعطوه من واحد إلى عشرة أو واحدا في عشرة فكما في الاقرار، أو: أعطوه أكثر مالي أو معظمه أو عاملته فالوصية بما فوق النصف لأن اللفظ ظاهر فيه. وإن قال: أعطوه زهاء ألف بضم الزاي والمد فيما فوق نصفه، فإن قيل: معنى زهاء ألف لغة قدره فينبغي أن يلزمه ألف، أجيب بأن معناه قدره تقريبا لا تحديدا، من زهوته بكذا أي حرزته، حكاه الصغاني، قلبت الواو همزة لتطرفها إثر ألف زائدة كما في كساء. أو: أعطوه دراهم أو دنانير حمل على ثلاثة، لأنها أقل الجمع من غالب البلد، فإن لم يكن غالب نقد فسره الوارث. وفي هذا الدر كفاية لأولي الألباب، فإن الحساب فن طويل ولذا جعلوه علما برأسه وأفردوه بالتصنيف فالحوالة على مصنفاته.
فصل: في الرجوع عن الوصية: (له) أي الموصي (الرجوع عن الوصية) أي عن التبرع المتعلق بالموت بالاجماع كما حكاه الأستاذ أبو منصور، ولأنه عطية لم يزل عنها ملك معطيها فأشبعت الهبة قبل القبض. (وعن بعضها) كمن أوصى بشئ ثم رجع عن بعضه، لما روى البيهقي عن عمر رضي الله تعالى عنه. يغير الرجل من وصيته ما شاء أما المنجز في المرض فلا يجوز الرجوع عنه وإن كان يعتبر من الثلث إلا فيما لفرعه كالهبة. ويحصل الرجوع بالقول بأمور، منها ما أشار إليه المصنف (بقوله) أي الموصي: (نقصت الوصية أو أبطلتها) أو رفعتها أو رددتها (أو رجعت فيها أو فسختها) أو أزلتها، ونحو ذلك من الصرائح، وكذا لو قال: هو حرام على الموصى له على المذهب. (أو هذا لوارثي) بعد موتي، مشيرا إلى الموصى به، أو: هو ميراث عني، لأنه لا يكون لوارثه إلا إذا انقطع تعلق الموصى له عنه. فإن قيل: يجوز أن يقال ببطلان نصف الوصية حملا على التشريك بين الوارث والموصى له كما سيأتي فيما لو أوصى بشئ لزيد ثم أوصى به لعمرو أن الوصية الثانية تشريك. أجيب بأنها إنما كانت تشريكا ثم لمشاركتها الأولى في التبرع بخلاف ما هنا المعتضد بقوة الإرث الثابت قهرا، وبان قوله: هذا لوارثي مفهوم صفة أي لا لغيره، وأما قوله: هو لعمرو بعد قوله: هو لزيد فمفهوم لقب، والصحيح أنه ليس بحجة، فلذلك قيل فيه بالتشريك دون تلك. ولو قال: هو تركتي لم يكن رجوعا لأن الوصية من التركة. ولو سئل عن الوصية فأنكرها، قال الرافعي: فهو على ما مر في جحد الوكالة، أي فيفرق فيه بين أن يكون لغرض فلا يكون رجوعا، أو لا لغرض فيكون رجوعا، وهذا هو المعتمد ووقع في أصل الروضة هنا أنه رجوع، وفي التدبير أنه ليس برجوع، ويمكن حمل ذلك على ما مر. (و) يحصل الرجوع أيضا عن الوصية لا بصيغة رجوع بل يتصرف الموصي فيها (ببيع) وإن حصل بعده فسخ ولو بخيار المجلس، (و) نحو (إعتاق إصداق) من التصرفات الناجزة اللازمة في الحياة بالاجماع كما نقله ابن المنذر، لأنه يدل على الاعراض عن الوصية وتنفذ هذه التصرفات ولا تعود الوصية لو عاد الملك. قال الزركشي: ولا يجئ فيه الخلاف في نظيره من الفلس والهبة للولد، لأن للبائع والوالد حقا ليس للمشتري والوالد إبطاله، وأما الموصي فله إبطال الوصية. (وكذا هبة أو رهن مع قبض) في كل منهما رجوع جزما لزوال الملك في الأولى وتعريضه للبيع في الثانية، ولكن في الرهن وجه أنه ليس برجوع لأنه لا يزيل الملك. (وكذا دونه) أي يكون ذلك رجوعا من غير قبض فيهما (في الأصح) لأنه عرضة لزوال الملك، وذلك يدل على الاعراض عن الوصية. والثاني: لا، لبقاء ملكه.
تنبيه: ما ذكر في الهبة محله في الصحيحة، وأما الفاسدة فحكى الماوردي فيها ثلاثة أوجه، ثالثها: إن اتصل بها القبض كانت رجوعا وإلا فلا. قال في الكفاية: وكلامه يفهم طردهما في الرهن الفاسد. والأوجه كما قال شيخنا أنه رجوع فيهما مطلقا كالعرض على ما يأتي بل أولى. (و) يحصل الرجوع أيضا (بوصية بهذه التصرفات) فيما أوصى به: كبيع وهبة وما عطف عليهما لاشعاره بالرجوع. (وكذا توكيله في بيعه) أي الموصى به، (وعرضه عليه) أو على الرهن أو الهبة يكون رجوعا (في الأصح) لأنه توسل إلى أمر يحصل به الرجوع. والثاني: يكون رجوعا في النصف فقط كما