مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٧١
أعطوه من واحد إلى عشرة أو واحدا في عشرة فكما في الاقرار، أو: أعطوه أكثر مالي أو معظمه أو عاملته فالوصية بما فوق النصف لأن اللفظ ظاهر فيه. وإن قال: أعطوه زهاء ألف بضم الزاي والمد فيما فوق نصفه، فإن قيل: معنى زهاء ألف لغة قدره فينبغي أن يلزمه ألف، أجيب بأن معناه قدره تقريبا لا تحديدا، من زهوته بكذا أي حرزته، حكاه الصغاني، قلبت الواو همزة لتطرفها إثر ألف زائدة كما في كساء. أو: أعطوه دراهم أو دنانير حمل على ثلاثة، لأنها أقل الجمع من غالب البلد، فإن لم يكن غالب نقد فسره الوارث. وفي هذا الدر كفاية لأولي الألباب، فإن الحساب فن طويل ولذا جعلوه علما برأسه وأفردوه بالتصنيف فالحوالة على مصنفاته.
فصل: في الرجوع عن الوصية: (له) أي الموصي (الرجوع عن الوصية) أي عن التبرع المتعلق بالموت بالاجماع كما حكاه الأستاذ أبو منصور، ولأنه عطية لم يزل عنها ملك معطيها فأشبعت الهبة قبل القبض. (وعن بعضها) كمن أوصى بشئ ثم رجع عن بعضه، لما روى البيهقي عن عمر رضي الله تعالى عنه. يغير الرجل من وصيته ما شاء أما المنجز في المرض فلا يجوز الرجوع عنه وإن كان يعتبر من الثلث إلا فيما لفرعه كالهبة. ويحصل الرجوع بالقول بأمور، منها ما أشار إليه المصنف (بقوله) أي الموصي: (نقصت الوصية أو أبطلتها) أو رفعتها أو رددتها (أو رجعت فيها أو فسختها) أو أزلتها، ونحو ذلك من الصرائح، وكذا لو قال: هو حرام على الموصى له على المذهب. (أو هذا لوارثي) بعد موتي، مشيرا إلى الموصى به، أو: هو ميراث عني، لأنه لا يكون لوارثه إلا إذا انقطع تعلق الموصى له عنه. فإن قيل: يجوز أن يقال ببطلان نصف الوصية حملا على التشريك بين الوارث والموصى له كما سيأتي فيما لو أوصى بشئ لزيد ثم أوصى به لعمرو أن الوصية الثانية تشريك. أجيب بأنها إنما كانت تشريكا ثم لمشاركتها الأولى في التبرع بخلاف ما هنا المعتضد بقوة الإرث الثابت قهرا، وبان قوله: هذا لوارثي مفهوم صفة أي لا لغيره، وأما قوله: هو لعمرو بعد قوله: هو لزيد فمفهوم لقب، والصحيح أنه ليس بحجة، فلذلك قيل فيه بالتشريك دون تلك. ولو قال: هو تركتي لم يكن رجوعا لأن الوصية من التركة. ولو سئل عن الوصية فأنكرها، قال الرافعي: فهو على ما مر في جحد الوكالة، أي فيفرق فيه بين أن يكون لغرض فلا يكون رجوعا، أو لا لغرض فيكون رجوعا، وهذا هو المعتمد ووقع في أصل الروضة هنا أنه رجوع، وفي التدبير أنه ليس برجوع، ويمكن حمل ذلك على ما مر. (و) يحصل الرجوع أيضا عن الوصية لا بصيغة رجوع بل يتصرف الموصي فيها (ببيع) وإن حصل بعده فسخ ولو بخيار المجلس، (و) نحو (إعتاق إصداق) من التصرفات الناجزة اللازمة في الحياة بالاجماع كما نقله ابن المنذر، لأنه يدل على الاعراض عن الوصية وتنفذ هذه التصرفات ولا تعود الوصية لو عاد الملك. قال الزركشي: ولا يجئ فيه الخلاف في نظيره من الفلس والهبة للولد، لأن للبائع والوالد حقا ليس للمشتري والوالد إبطاله، وأما الموصي فله إبطال الوصية. (وكذا هبة أو رهن مع قبض) في كل منهما رجوع جزما لزوال الملك في الأولى وتعريضه للبيع في الثانية، ولكن في الرهن وجه أنه ليس برجوع لأنه لا يزيل الملك. (وكذا دونه) أي يكون ذلك رجوعا من غير قبض فيهما (في الأصح) لأنه عرضة لزوال الملك، وذلك يدل على الاعراض عن الوصية. والثاني: لا، لبقاء ملكه.
تنبيه: ما ذكر في الهبة محله في الصحيحة، وأما الفاسدة فحكى الماوردي فيها ثلاثة أوجه، ثالثها: إن اتصل بها القبض كانت رجوعا وإلا فلا. قال في الكفاية: وكلامه يفهم طردهما في الرهن الفاسد. والأوجه كما قال شيخنا أنه رجوع فيهما مطلقا كالعرض على ما يأتي بل أولى. (و) يحصل الرجوع أيضا (بوصية بهذه التصرفات) فيما أوصى به: كبيع وهبة وما عطف عليهما لاشعاره بالرجوع. (وكذا توكيله في بيعه) أي الموصى به، (وعرضه عليه) أو على الرهن أو الهبة يكون رجوعا (في الأصح) لأنه توسل إلى أمر يحصل به الرجوع. والثاني: يكون رجوعا في النصف فقط كما
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460