القبول التي قام الدليل هي الحمد لله والصلاة لا ما زاد، وضبط القفال الطول المانع من صحة العقد بقدر لو كانا ساكتين فيه لخرج الجواب عن أن يكون جوابا اه. والأولى أن يضبط بالعرف كما مر.
تنبيه: أفهم قوله: الذكر أن غيره من كلام أجنبي يبطل ولو يسيرا، وهو الأصح هنا بخلافه في الخلع فإنهم اغتفروا فيه اليسير كما في الروضة كأصلها في باب الخلع، لأنه يفضي إلى حل العصمة، ويغتفر فيه ما لا يغتفر في عقدها.
قيل: ومحل المنع إذا صدر الكلام من القائل الذي يطلب منه الجواب، فإن كان من المتكلم ففيه وجهان حكاهما الرافعي في الجامع، واقتضى إيراده أن المشهور أنه لا يضر، وقد تقدم الكلام على ذلك في كتاب البيع، والمراد بالكلام هنا ما يشمل الكلم والكلمة، لا المصطلح عليه عند النحاة.
تتمة: يسن للولي عرض موليته على ذوي الصلاح كما فعل شعيب بموسى عليهما الصلاة والسلام وعمر بعثمان ثم بأبي بكر رضي الله تعالى عنهم. ويسن أن ينوي بالنكاح السنة والصيانة لدينه كما مرت الإشارة إليه. وأن يدعى للزوجين بالبركة بعد العقد وبالجمع بخير، فيقال: بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير، ويكره أن يقول بالرفاه والبنين، وهو بكسر الراء والمد: الالتئام والاتفاق، من قولهم رفأت الثوب، لورود المنهي عنه، وأن يقدم الولي على العقد:
أزوجك هذه أو زوجتكما على ما أمر الله به من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، ولو شرطه في نفس العقد لم يبطل، لأن المقصود به الموعظة ولأنه شرط، يوافق مقتضى العقد والشرع. ويسن للزوج أول ما يلقى زوجته أن يأخذ بناصيتها ويقول: بارك الله لكل منا في صاحبه، وأن يقول عند الجماع: بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا. وفي الاحياء: يكره الجماع في الليلة الأولى من الشهر والأخيرة منه وليلة النصف منه، فيقال إن الشيطان يحضر الجماع في هذه الليالي، ويقال إنه يجامع. قال: وإذا قضي وطره فليمهل عليها حتى تقضي وطرها. قال: وفي الوطئ ليلة الجمعة أجران. ويسن أن لا يترك الجماع عند قدومه من سفره، ولا يحرم وطئ الحامل والمرضع.
فصل: في أركان النكاح وغيرها: وأركانه خمسة: صيغة، وزوجة، وشاهدان، وزوج، وولي وهما العاقدان. وقد بدأ بالأول فقال: (إنما يصح النكاح بإيجاب، وهو) قول الولي: (زوجتك أو أنكحتك) ابنتي مثلا الخ، (وقبول) وهو (بأن يقول الزوج: تزوجتها) (أو نكحتها) الخ. وحذف المصنف، مفعول هذين الفعلين مع أنه لا بد منه في صحة النكاح لما يشير إليه قوله: (أو قبلت نكاحها) وهو مصدر بمعنى الانكاح، أي قبلت إنكاحها كما صرح به جمع من اللغويين، وصح حينئذ كونه قبولا لقول الولي أنكحتك. (أو) قبلت (تزويجها) أو هذا النكاح أو التزويج. أما اعتبار أصل الايجاب والقبول فبالاتفاق كسائر العقود، وأما هذا اللفظ فلما سيأتي. ورضيت نكاحها كقبلت نكاحها كما حكاه ابن هبيرة الوزير عن إجماع الأئمة الأربعة وإن توقف فيه السبكي، ومثله أردت أو أحببت كما قاله بعض المتأخرين. وقد يدل لقول ابن هبيرة وبعض المتأخرين قول البويطي: ومتى تزوج بغير اسم التزويج أو الانكاح لا يجوز، فإذا قال الولي: زوجتك فقال: قد قبلت أو رضيت أو ما شبه هذا لم يكن شيئا حتى يقول: قبلت النكاح أو التزويج قال الغزالي في فتاويه: وكزوجتك زوجت لك أو إليك فيصح لأن الخطأ في الصيغة إذا لم يخل بالمعنى ينبغي أن يكون كالخطأ في الاعراب اه. ومثل ذلك جوزتك ونحوه. أو إبدال الكاف همزة كما أفتى به بعض المتأخرين.
ولو قال: قبلت النكاح أو التزويج أو قبلتها فعن نص الأم الصحة في قبلت النكاح أو التزويج، والبطلان في قبلتها، وجرى عليه الشيخ أبو حامد وغيره.
تنبيه: لا يشترط توافق الولي والزوج في اللفظ، فلو قال الولي: زوجتك فقال الزوج: قبلت نكاحها صح، وبهذا يتم صحة كون أو في كلام المصنف للتخيير مطلقا. وقول الزوج: تزوجت أو نكحت ليس قبولا حقيقة، وإنما هو قائم مقامه إذا ضم إلى ذلك الضمير كما قدرته في كلامه. أما إذا اقتصر على تزوجت أو نكحت فإنه لا يكفي وإن أفهم كلامه