مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ١٣٩
القبول التي قام الدليل هي الحمد لله والصلاة لا ما زاد، وضبط القفال الطول المانع من صحة العقد بقدر لو كانا ساكتين فيه لخرج الجواب عن أن يكون جوابا اه‍. والأولى أن يضبط بالعرف كما مر.
تنبيه: أفهم قوله: الذكر أن غيره من كلام أجنبي يبطل ولو يسيرا، وهو الأصح هنا بخلافه في الخلع فإنهم اغتفروا فيه اليسير كما في الروضة كأصلها في باب الخلع، لأنه يفضي إلى حل العصمة، ويغتفر فيه ما لا يغتفر في عقدها.
قيل: ومحل المنع إذا صدر الكلام من القائل الذي يطلب منه الجواب، فإن كان من المتكلم ففيه وجهان حكاهما الرافعي في الجامع، واقتضى إيراده أن المشهور أنه لا يضر، وقد تقدم الكلام على ذلك في كتاب البيع، والمراد بالكلام هنا ما يشمل الكلم والكلمة، لا المصطلح عليه عند النحاة.
تتمة: يسن للولي عرض موليته على ذوي الصلاح كما فعل شعيب بموسى عليهما الصلاة والسلام وعمر بعثمان ثم بأبي بكر رضي الله تعالى عنهم. ويسن أن ينوي بالنكاح السنة والصيانة لدينه كما مرت الإشارة إليه. وأن يدعى للزوجين بالبركة بعد العقد وبالجمع بخير، فيقال: بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير، ويكره أن يقول بالرفاه والبنين، وهو بكسر الراء والمد: الالتئام والاتفاق، من قولهم رفأت الثوب، لورود المنهي عنه، وأن يقدم الولي على العقد:
أزوجك هذه أو زوجتكما على ما أمر الله به من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، ولو شرطه في نفس العقد لم يبطل، لأن المقصود به الموعظة ولأنه شرط، يوافق مقتضى العقد والشرع. ويسن للزوج أول ما يلقى زوجته أن يأخذ بناصيتها ويقول: بارك الله لكل منا في صاحبه، وأن يقول عند الجماع: بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا. وفي الاحياء: يكره الجماع في الليلة الأولى من الشهر والأخيرة منه وليلة النصف منه، فيقال إن الشيطان يحضر الجماع في هذه الليالي، ويقال إنه يجامع. قال: وإذا قضي وطره فليمهل عليها حتى تقضي وطرها. قال: وفي الوطئ ليلة الجمعة أجران. ويسن أن لا يترك الجماع عند قدومه من سفره، ولا يحرم وطئ الحامل والمرضع.
فصل: في أركان النكاح وغيرها: وأركانه خمسة: صيغة، وزوجة، وشاهدان، وزوج، وولي وهما العاقدان. وقد بدأ بالأول فقال: (إنما يصح النكاح بإيجاب، وهو) قول الولي: (زوجتك أو أنكحتك) ابنتي مثلا الخ، (وقبول) وهو (بأن يقول الزوج: تزوجتها) (أو نكحتها) الخ. وحذف المصنف، مفعول هذين الفعلين مع أنه لا بد منه في صحة النكاح لما يشير إليه قوله: (أو قبلت نكاحها) وهو مصدر بمعنى الانكاح، أي قبلت إنكاحها كما صرح به جمع من اللغويين، وصح حينئذ كونه قبولا لقول الولي أنكحتك. (أو) قبلت (تزويجها) أو هذا النكاح أو التزويج. أما اعتبار أصل الايجاب والقبول فبالاتفاق كسائر العقود، وأما هذا اللفظ فلما سيأتي. ورضيت نكاحها كقبلت نكاحها كما حكاه ابن هبيرة الوزير عن إجماع الأئمة الأربعة وإن توقف فيه السبكي، ومثله أردت أو أحببت كما قاله بعض المتأخرين. وقد يدل لقول ابن هبيرة وبعض المتأخرين قول البويطي: ومتى تزوج بغير اسم التزويج أو الانكاح لا يجوز، فإذا قال الولي: زوجتك فقال: قد قبلت أو رضيت أو ما شبه هذا لم يكن شيئا حتى يقول: قبلت النكاح أو التزويج قال الغزالي في فتاويه: وكزوجتك زوجت لك أو إليك فيصح لأن الخطأ في الصيغة إذا لم يخل بالمعنى ينبغي أن يكون كالخطأ في الاعراب اه‍. ومثل ذلك جوزتك ونحوه. أو إبدال الكاف همزة كما أفتى به بعض المتأخرين.
ولو قال: قبلت النكاح أو التزويج أو قبلتها فعن نص الأم الصحة في قبلت النكاح أو التزويج، والبطلان في قبلتها، وجرى عليه الشيخ أبو حامد وغيره.
تنبيه: لا يشترط توافق الولي والزوج في اللفظ، فلو قال الولي: زوجتك فقال الزوج: قبلت نكاحها صح، وبهذا يتم صحة كون أو في كلام المصنف للتخيير مطلقا. وقول الزوج: تزوجت أو نكحت ليس قبولا حقيقة، وإنما هو قائم مقامه إذا ضم إلى ذلك الضمير كما قدرته في كلامه. أما إذا اقتصر على تزوجت أو نكحت فإنه لا يكفي وإن أفهم كلامه
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460