فرع: قد يسقط المهر بعد استقراره، كما لو اشترت الحرة زوجها بعد الدخول والصداق باق فإنه يسقط في أحد وجهين، لأنه لا يجب للسيد على عبده مال والصحيح أنه يبقى في ذمته وإن لم يثبت للسيد على عبده دين ابتداء، لأن الدوام أقوى منه. (و) يستقر المهر أيضا (بموت أحدهما) قبل الوطئ في النكاح الصحيح لاجماع الصحابة رضي الله عنهم، ولأنه لا يبطل به النكاح بدليل التوارث وإنما هو نهاية له، ونهاية العقد كاستيفاء المعقود عليه بدليل الإجارة.
تنبيه: دخل في كلامه ما لو قتل أحدهما الآخر، ولكن تقدم أن الأمة لو قتلت نفسها أو قتلها سيدها، أو قتلت الأمة أو الحرة زوجها قبل الدخول لم يستقر المهر، فهي مستثناة. وخرج بالوطئ والموت غيرهما فلا يستقر بمباشرة فيما دون الفرج، ولا باستدخال مني، ولا بإزالة بكارة بغير آلة الجماع، و (لا بخلوة في الجديد) لقوله تعالى:
* (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) * الآية، والمراد بالمس الجماع، وكما لا يلتحق ذلك بالوطئ في سائر الأحكام من حد وغسل ونحوهما. والقديم: يستقر بالخلوة في النكاح الصحيح حيث لم يكن مانع حسي كرتق، ولا شرعي كحيض، لأنها حينئذ مظنة الوطئ. فإن قيل: يدل لهذا ما رواه الإمام أحمد عن زرارة بن أبي أوفى أنه قال: قضى الخلفاء الراشدون المهديون أن من أغلق بابا وأرخى سترا فقد وجب المهر ووجبت العدة. أجيب بأن هذا منقطع، لأن زرارة لم يدرك الخلفاء رضي الله تعالى عنهم. أما النكاح الفاسد فلا يستقر بها قطعا.
فرع: لو أعتق مريض أمته التي لا يملك غيرها وتزوجها وأجازت الورثة العتق استمر النكاح ولا مهر، قاله في البيان، وبينت وجهه في شرح التنبيه.
فصل: في الصداق الفاسد وما يذكر معه: لو (نكحها بخمر أو حر أو مغصوب) سواء أشار إليه ولم يصفه كأصدقتك هذا أو لم يشر ووصفه بما ذكر أو بغيره كعصير أو رقيق أو مملوك له، (وجب مهر المثل) في الأظهر لصحة النكاح وفساد التسمية بانتفاء كونه ما لا في الأول والثاني وملكا للزوج في الثالث، (وفي قول قيمته) أي قيمة ما ذكر بأن يقدر الخمر عصير، ولكن يجب مثله، والحر رقيقا، والمغصوب مملوكا، لكن المغصوب المثلي يجب مثله، فلو عبر بالبدل كان أولى، لكنه تبع المحرر في ذلك مع أن الرافعي أنكر على الغزالي التعبير بالقيمة ثم وقع فيه في المحرر. أما إذا أشار إليه مع الوصف كأصدقتك هذا الحر وجب مهر المثل قطعا كما قاله الأكثرون.
تنبيه: هذا في أنكحتنا، أما أنكحة الكفار فكل ما اعتقدوا صحة إصداقه يجري عليه حكم الصحيح كما مر وتصويرهم المسألة بالخمر، والحر يقتضي أن محل ذلك فيما يقصد، أما إذا لم يقصد كالدم والحشرات لم يأت ذلك فيه، بل تكون كالمفوضة، وهو قياس ما ذكروه في الخلع أنه إذا خالعها على ذلك يقع رجعيا، لأنه لا يقصد بحال، فكأنه لم يطمع في شئ، لكن صرحوا هنا بأنه لا فرق. وفرق بين البابين بأن مقصود النكاح الوطئ وهو موجب للمهر، بخلاف الخلع فإن مقصوده الفرقة، وهي تحصل غالبا بدون عوض. (أو) نكحها (بمملوك ومغصوب) مثلا، ( بطل فيه، وصح في المملوك في الأظهر) هما قولا تفريق الصفقة في الابتداء، وسبق في البيع الكلام عليهما. (وتتخير) الزوجة إذا كانت جاهلة بين فسخ الصداق وإجازته، لأن المسمى بتمامه لم يسلم لها. (فإن فسخت فمهر مثل) يجب لها، (وفي قول قيمتهما) هما القولان الماران، وكان الأولى أن يقول بدلهما لما مر. (وإن أجازت فلها مع المملوك حصة المغصوب من مهر مثل) لها (يحسب قيمتهما) عملا بالتوزيع، فلو كانت مثلا مائة بالسوية بينهما أخذت