يعترض على المصنف بتعريف الثمرة وتنكير كسب وجمعهما في ضمير حصلا مع أن الأول يطلبه حالا والثاني يطلبه صفة.
أجيب بأن التعريف في الثمرة للجنس والمعرف بأل الجنسية في المعنى كالنكرة، فليس طلب الثمرة وكسب حينئذ من جهتين بل من جهة واحدة. (ونطالب) بالنون أوله بخطه، على كل قول من الثلاثة (الموصى له) بالعبد: أي يطالبه الوارث كما في الروضة كأصلها، أي أو القائم مقامه من ولي ووصي، (بالنفقة) وسائر المؤن، (إن توقف في قبوله ورده) كما لو امتنع مطلق إحدى زوجتيه من التعيين، فإن لم يقبل أو يرد خيره الحاكم بين القبول والرد، فإن لم يفعل حكم بالبطلان كالمتحجر إذا امتنع من الاحياء.
تنبيه: استشكل مطالبة الموصى له على القول الثاني، فإنه قد مر أن الملك قبل القبول للوارث، وقيل: للميت، فكيف يكلف بالنفقة على ملك غيره؟ وقال ابن الرفعة: إن المطالبة مفرعة على أنه ملكه بموت الموصي، صرح به الإمام.
وبحث ابن الرفعة على قول الوقف إن النفقة عليهما في زمن الوقف، أي بالنسبة للمطالبة حالا، أما بالنسبة لما يستقر عليه الامر فهي على الموصى له إن قبل، وعلى الوارث إن رد.
فصل: في أحكام الوصية الصحيحة. وتنقسم إلى ثلاثة أقسام: لفظية، ومعنوية، وحسابيه. والمصنف أسقط القسم الأخير من هذا الكتاب اختصارا. وقد شرع في القسم الأول، فقال: (إذا أوصى بشاة) وأطلق (تناول) اسم الشاة (صغير الجثة) أي الجسم، (وكبيرتها سليمة ومعيبة ضأنا) بالهمزة وقد يخفف، (ومعزا) بفتح العين وتسكن، جمع ماعزة، لصدق الاسم. فإن قيل: تجويز المعيبة مخالف لقولهم في البيع والزكاة والكفارة إن الاطلاق يقتضي السلامة. أجيب بأن ذلك لأمر زائد على مقتضى اللفظ، وهنا لا يزاد عليه لعدم الدليل عليه. نعم لو قال: اشتروا له شاة لا تشترى له معيبة كما نقله في الروضة وأصلها عن البغوي وأنه أبدى فيه احتمالا هو قضية إطلاق المصنف. وأفهم قوله: ضأنا ومعزا أنه لا يتناول غيرهما، فلو أراد الوارث إعطاءه أرنبا أو ظبيا لم يكن له ذلك ولا للموصى له قبوله وإن وقع عليه اسم شاة كما ذكره ابن عصفور، فإنه قال: إن الشاة تقع على الذكر والأنثى من الضأن والمعز والظباء والبقر والنعم وحمر الوحش، وسببه تخصيص العرف بالضأن والمعز. نعم لو قال: شاة من شياهي وليس له إلا الظباء أعطي منها كما بحثه في الروضة، وجزم به صاحب البيان، ونقله في محل آخر عن الأصحاب، وإن خالف في ذلك ابن الرفعة تبعا لغيره. (وكذا ذكر) بتناوله أيضا اسم الشاة إن لم تقع قرينة على المراد، (في الأصح) لأنه اسم جنس كالانسان، وليست التاء فيه للتأنيث بل للوحدة كحمام وحمامة، ويدل له قولهم: لفظ الشاة يذكر ويؤنث، ولهذا حمل قوله (ص): في أربعين شاة شاة على الذكور والإناث.
والثاني: لا يتناوله للعرف، والخنثى كالذكر. أما إذا قامت قرينة: كأعطوه شاة ينزها على غنمه أو تيسا أو كبشا تعين الذكر، أو شاة يحلبها أو ينتفع بدرها ونسلها أو نعجة تعينت الأنثى، أو شاة ينتفع بصوفها تعين الضأن، أو بشعرها تعين المعز. وخرج بصغيرة الجثة صغيرة السن التي ذكرها بقوله: (لا سخلة) وهي ولد الضأن والمعز ذكرا كان أو أنثى ما لم يبلغ سنة. (و) لا (عناق) وهي الأنثى من ولد المعز كذلك. وكالعناق الجدي كما شملته السخلة، ولو اقتصر على ذكرها كفى عن ذكر العناق، ودخل الجدي فلا يتناولها اسم الشاة (في الأصح) لأن كلاهما لا يسمى شاة لصغر سنها كما نقله الرافعي عن الصيدلاني، وصححه البغوي. والثاني: يتناولهما، لصدق الاسم، ونقله الروياني عن سائر الأصحاب والغزالي عنهم خلا الصيدلاني، ومع هذا فالمعتمد ما في المتن. (ولو قال أعطوه شاة) أو رأسا (من غنمي) أو من شياهي بعد موتي وله غنم عند موته أعطي شاة منها.
وإن قال ذلك (ولا غنم له) عند الموت (لغت) وصيته هذه لعدم ما يتعلق به الوصية. أما إذا لم يكن له غنم عند الوصية وله غنم