مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٣٢٣
تطلق المصدقة إذ لم يثبت حيض ضرتها إلا بيمينها، واليمين لا تؤثر في حق غير الحالف كما مر. وتطلق المكذبة فقط بلا يمين في قوله لهما: من حاضت منكما فصاحبتها طالق وادعياه وصدق إحداهما وكذب الأخرى، لثبوت حيض المصدقة بتصديق الزوج.
تنبيه: عطفه: زعمتاه بالفاء يشعر بأنهما لو قالتا فورا حضنا يقبلان، وليس مرادا، بل لا بد من حيض مستأنف، وهو يستدعي زمنا، ويشعر أيضا باستعمال الزعم في القول الصحيح، والأكثر استعماله فيما إذا لم يقم دليل على صحته وأقيم على خلافه، كقوله تعالى: * (زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا) *.
فروع: لو قال لزوجتيه: إن حضتما حيضة فأنتما طالقتان، فقيل: لم يتعلق بهما طلاق لاستحالة أن يحيضا حيضة واحدة، والأصح أنهما إذا حاضتا طلقتا بحيضهما لأن الاستحالة نشأت من قوله: حيضة فتلغى ويبقى التعليق بمجرد حيضهما فتطلقان برؤية الدم كما مر. ولو قال: إن ولدتما ولدا فأنتما طالقتان ففيه هذا الخلاف، أما إذا قال: ولدا واحدا أو حيضة واحدة فهو محال فلا يقع به طلاق لأن الواحد نص في الوحدة بخلاف الحيضة والولد فإنه يحتمل الجنس.
ولو قال لأربع نسوة: أيتكن حاضت فصواحبها طوالق فقلن: حضنا، فإن صدقهن طلقت كل واحدة منهن ثلاثا لأنه جعل حيض كل منهن صفة لطلاق البواقي ولكل واحدة ثلاث صواحب وقد حضن، وإن كذبهن لم تطلق واحدة منهن لأن كلا منهن لا تصدق في حق غيرها، وإن صدق واحدة طلقت المكذبات طلقة طلقة لأن لكل منهن صاحبة ثبت حيضها، إن صدق اثنتين طلقت كل واحدة من المكذبتين طلقتين لأن لكل منهما صاحبتين ثبت حيضهما، وطلقت كل واحدة من المصدقتين طلقة لأن لكل واحدة صاحبة وواحدة ثبت حيضها. وإن كذب واحدة فقط طلقت المكذبة ثلاثا لأن لها ثلاث صواحب ثبت حيضهن، وطلقت كل واحدة من المصدقات طلقتين لأن لكل واحدة منهن صاحبتين ثبت حيضهما. ولو قال لأربع: إن حضتن فأنتن طوالق فقلن: حضنا فإن صدقهن طلقهن واحدة واحدة، وإن كذبهن لم يطلقهن، وإن كذب واحدة وحلفت طلقت طلقة دون الباقيات، وإن كذب أكثر من واحدة لم تطلق واحدة منهن. ثم أشار إلى المسألة المشهورة بالسريجية، وهي الدورية المنسوبة لابن سريج المذكورة في قوله: (ولو قال: إن أو إذا أو متى) أو نحوه (طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثا فطلقها) طلقة أو أكثر كما قاله صاحب التعجيز، (وقع المنجز فقط) ولا يقع معه المعلق، لأنه لو وقع لم يقع المنجز لزيادته المملوك وإذا لم يقع المنجز لم يقع المعلق لأنه مشروط به، فوقوعه محال بخلاف وقوع المنجز، إذ قد يتخلف الجزاء عن الشرط بأسباب كما لو علق عتق سالم بعتق غانم في مرض موته ولا يفي ثلث ماله إلا بأحدهما لا يقرع بينهما بل يتعين عتق غانم. وشبه هذا بما لو أقر أخ بابن الميت ثبت النسب دون الإرث، ولان الجمع بين المعلق والمنجز ممتنع، ووقوع أحدهما غير ممتنع، والمنجز أولى بأن يقع لأنه أقوى، من حيث أن المعلق يفتقر إلى المنجز ولا ينعكس. وهذا الوجه قال في المحرر: إنه أولى، وفي الشرحين والروضة فيشبه أن يكون الفتوى به أولى، وصححه المصنف في التنبيه، وإليه ذهب الماوردي، ونقله عن ابن سريج وقال: من نقل عنه غيره فقد وهم، ونقله ابن يونس عن أكثر النقلة (وقيل) وقع (ثلاث) واختاره الإمام ورجحه ابن أبي عصرون وصاحب الاستقصاء. واختلفوا في كيفية وقوع الثلاث على وجهين، أصحهما وهو المذكور في المحرر أنه تقع الطلقة المنجزة وطلقتان من الثلاث المعلقة، لأنه إذا وقعت المنجزة حصل شرط وقوع الثلاث لأن الطلاق لا يزيد على ثلاث فيقع من المعلق تمام الثلاث، وعلى هذا يشترط أن يكون مدخولا بها لأن وقوع طلقتين بعد طلقة لا يتصور إلا في المدخول بها. والثاني: يقع الثلاث المعلقة ويجعل كأنه قال متى تلفظت بأنك طالق فأنت طالق قبله ثلاثا. وزيفه الإمام، وعلى هذا سواء المدخول بها وغيرها. (وقيل لا شئ) يقع، لا المنجز ولا المعلق، لأنه لو وقع المنجز لوقع المعلق قبله بحكم التعليق، ولو وقع المعلق لم يقع المنجز، وإذا لم يقع المنجز لم يقع المعلق، وهذا ما صححه
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460