الناس في زماننا، فقال إن كان التعليق على وجه اليمين لا يقع به الطلاق وتجب به كفارة يمين، وهذه بدعة في الاسلام لم يقلها أحد منذ بعث النبي (ص) إلى زماننا هذا. قال الزركشي: واللام في الطلقات للعهد الشرعي، وهي الثلاث، فلو طلق أربعا، قال الروياني: عزر، وظاهر كلام ابن الرفعة أنه يأثم اه. وهذا ليس بظاهر، لأن الزيادة ملغاة فلا يترتب عليه بالتلفظ بها شئ. (ولو قال) لزوجته: (أنت طالق ثلاثا) واقتصر عليه، (أو ثلاثا للسنة وفسر) الثلاث في الصورتين (بتفريقها على أقراء لم يقبل) ظاهرا على الصحيح المنصوص، لأن دعواه تقتضي تأخير الطلاق، ويقتضي لفظة تنجيزه في الأولى مطلقا، وفي الثانية إن كانت المرأة طاهرة، وحين تطهر إن كانت حائضا، ولا سنة في التفريق. (إلا ممن يعتقد تحريم الجمع) للثلاث دفعة كالمالكي فيقبل ظاهرا، لأن الظاهر من حاله أن لا يقصد ارتكاب محظور في معتقده.
تنبيه: قضية كلام المصنف عود الاستثناء إلى الصورتين وهو كذلك، وإن كان ما ذكره المتولي وتبعه المحرر إنما هو في الثانية فقط. (والأصح) على عدم القبول (أنه يدين) فيما نواه، لأنه لو وصل اللفظ بما يدعيه لانتظم فيعمل به في الباطن إن كان صادقا بأن يراجعها، وحينئذ يجوز له وطؤها، ولها تمكينه إن ظنت صدقه، فإن ظنت كذبه لم تمكنه. وفي ذلك قال الشافعي رضي الله عنه: له الطلب وعليها الهرب، وإن استوى عندها الطرفان فإن كره لها تمكينه وإذا صدقته ورآهما الحاكم مجتمعين فرق بينهما في أحد وجهين رجحه في الكفاية. والتدين لغة أن يكله إلى دينه، وقال الأصحاب: هو أن لا تطلق فيما بينه وبين الله إن كان صادقا إلا على الوجه الذي نواه غير أنا لا نصدقه في الظاهر.
والوجه الثاني: لا يدين، لأن اللفظ بمجرده لا يحتمل المراد، والنية إنما تعمل فيما يحتمله اللفظ. (ويدين) أيضا على الأصح (من قال) لزوجته (أنت طالق، وقال أردت إن دخلت) الدار (أو إن شاء زيد) طلاقك، لأنه لو صرح به لانتظم.
تنبيه: قد يوهم كلامه أن قوله: أردت إن شاء الله أنه كذلك، والصحيح أنه لا يدين. قال الرافعي:
وفرقوا بينه وبين غيره من التعليقات أن التعليق بمشيئة الله تعالى يرفع حكم اليمين جملة فلا بد فيه من اللفظ بخلاف التعليق بالدخول وبمشيئة زيد فإنه لا يرفعه بل يخصصه بحال دون حال فأثرت فيه النية، وشبهوه بالفسخ لما كان رافعا للحكم لم يجز إلا باللفظ، والتخصيص يجوز بالقياس كما يجوز باللفظ.
تنبيه: إنما ينفعه قصد هذا الاستثناء باطنا إذا عزم عليه قبل التلفظ بالطلاق، فإن حدثت له النية بعد الفراغ من الكلمة فلا حكم لها، فإن أحدثها في أثناء الكلمة فوجهان كما في نية الكناية وحدها، نقلاه في الباب الأول عن المتولي وأقراه، ومر في الكناية أنه يكفي. (ولو) أتى الزوج بلفظ عام وأراد بعض أفراده، كأن (قال: نسائي طوالق، أو) قال: (كل امرأة لي طالق، وقال: أردت بعضهن) بالنية كفلانة وفلانة دون فلانة، (فالصحيح) وعبر في الروضة بالأصح، (أنه لا يقبل) منه ذلك (ظاهرا) لأن اللفظ عام متناول لجميعهن، فلا يمكن من صرف مقتضاه بالنية، (إلا لقرينة) تشعر بإرادة الاستثناء، (بأن) أي كأن (خاصمته) زوجته (وقالت) له (تزوجت) علي (فقال) لها منكرا لذلك: (كل امرأة لي طالق) أو نسائي طوالق، (وقال: أردت غير المخاصمة) لي، فيقبل في ذلك للقرينة الدالة على صدقه. والثاني: يقبل مطلقا، لأن استعمال العام في بعض أفراده شائع. والثالث: لا يقبل مطلقا، ونقلاه عن الأكثرين، وحينئذ فما رجحاه هنا مخالف لما التزمه الرافعي من تصحيح ما عليه الأكثر، ولا يحسن تعبيره بالصحيح