مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٣١٢
الناس في زماننا، فقال إن كان التعليق على وجه اليمين لا يقع به الطلاق وتجب به كفارة يمين، وهذه بدعة في الاسلام لم يقلها أحد منذ بعث النبي (ص) إلى زماننا هذا. قال الزركشي: واللام في الطلقات للعهد الشرعي، وهي الثلاث، فلو طلق أربعا، قال الروياني: عزر، وظاهر كلام ابن الرفعة أنه يأثم اه‍. وهذا ليس بظاهر، لأن الزيادة ملغاة فلا يترتب عليه بالتلفظ بها شئ. (ولو قال) لزوجته: (أنت طالق ثلاثا) واقتصر عليه، (أو ثلاثا للسنة وفسر) الثلاث في الصورتين (بتفريقها على أقراء لم يقبل) ظاهرا على الصحيح المنصوص، لأن دعواه تقتضي تأخير الطلاق، ويقتضي لفظة تنجيزه في الأولى مطلقا، وفي الثانية إن كانت المرأة طاهرة، وحين تطهر إن كانت حائضا، ولا سنة في التفريق. (إلا ممن يعتقد تحريم الجمع) للثلاث دفعة كالمالكي فيقبل ظاهرا، لأن الظاهر من حاله أن لا يقصد ارتكاب محظور في معتقده.
تنبيه: قضية كلام المصنف عود الاستثناء إلى الصورتين وهو كذلك، وإن كان ما ذكره المتولي وتبعه المحرر إنما هو في الثانية فقط. (والأصح) على عدم القبول (أنه يدين) فيما نواه، لأنه لو وصل اللفظ بما يدعيه لانتظم فيعمل به في الباطن إن كان صادقا بأن يراجعها، وحينئذ يجوز له وطؤها، ولها تمكينه إن ظنت صدقه، فإن ظنت كذبه لم تمكنه. وفي ذلك قال الشافعي رضي الله عنه: له الطلب وعليها الهرب، وإن استوى عندها الطرفان فإن كره لها تمكينه وإذا صدقته ورآهما الحاكم مجتمعين فرق بينهما في أحد وجهين رجحه في الكفاية. والتدين لغة أن يكله إلى دينه، وقال الأصحاب: هو أن لا تطلق فيما بينه وبين الله إن كان صادقا إلا على الوجه الذي نواه غير أنا لا نصدقه في الظاهر.
والوجه الثاني: لا يدين، لأن اللفظ بمجرده لا يحتمل المراد، والنية إنما تعمل فيما يحتمله اللفظ. (ويدين) أيضا على الأصح (من قال) لزوجته (أنت طالق، وقال أردت إن دخلت) الدار (أو إن شاء زيد) طلاقك، لأنه لو صرح به لانتظم.
تنبيه: قد يوهم كلامه أن قوله: أردت إن شاء الله أنه كذلك، والصحيح أنه لا يدين. قال الرافعي:
وفرقوا بينه وبين غيره من التعليقات أن التعليق بمشيئة الله تعالى يرفع حكم اليمين جملة فلا بد فيه من اللفظ بخلاف التعليق بالدخول وبمشيئة زيد فإنه لا يرفعه بل يخصصه بحال دون حال فأثرت فيه النية، وشبهوه بالفسخ لما كان رافعا للحكم لم يجز إلا باللفظ، والتخصيص يجوز بالقياس كما يجوز باللفظ.
تنبيه: إنما ينفعه قصد هذا الاستثناء باطنا إذا عزم عليه قبل التلفظ بالطلاق، فإن حدثت له النية بعد الفراغ من الكلمة فلا حكم لها، فإن أحدثها في أثناء الكلمة فوجهان كما في نية الكناية وحدها، نقلاه في الباب الأول عن المتولي وأقراه، ومر في الكناية أنه يكفي. (ولو) أتى الزوج بلفظ عام وأراد بعض أفراده، كأن (قال: نسائي طوالق، أو) قال: (كل امرأة لي طالق، وقال: أردت بعضهن) بالنية كفلانة وفلانة دون فلانة، (فالصحيح) وعبر في الروضة بالأصح، (أنه لا يقبل) منه ذلك (ظاهرا) لأن اللفظ عام متناول لجميعهن، فلا يمكن من صرف مقتضاه بالنية، (إلا لقرينة) تشعر بإرادة الاستثناء، (بأن) أي كأن (خاصمته) زوجته (وقالت) له (تزوجت) علي (فقال) لها منكرا لذلك: (كل امرأة لي طالق) أو نسائي طوالق، (وقال: أردت غير المخاصمة) لي، فيقبل في ذلك للقرينة الدالة على صدقه. والثاني: يقبل مطلقا، لأن استعمال العام في بعض أفراده شائع. والثالث: لا يقبل مطلقا، ونقلاه عن الأكثرين، وحينئذ فما رجحاه هنا مخالف لما التزمه الرافعي من تصحيح ما عليه الأكثر، ولا يحسن تعبيره بالصحيح
(٣١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460