(يجمع ذوي الأموال) والثاني: من يجمع ذوي السهمان، لصدق اسم العامل على الجميع، لكن أشهرهم هو الذي يرسل إلى البلاد والباقون أعوان.
تنبيه: يؤخذ من اسم العامل أنه لا بد من العمل، فلو فرق المالك أو حملها إلى الإمام سقط. (لا) الإمام و (القاضي والوالي) للإقليم إذا قاموا بذلك فلا حق لهم في الزكاة، بل رزقهم إذا لم تطوعوا بالعمل في خمس الخمس المرصد للمصالح العامة فإن عملهم عام، ولان عمر رضي الله تعالى عنه شرب لبنا فأعجبه فأخبر أنه من نعم الصدقة فأدخل أصبعه واستقاءه، رواه البيهقي بإسناد صحيح.
تنبيه: قضية كلام المصنف أن للقاضي قبض الزكوات وصرفها، وهذا في أموال أيتام تحت نظره، فإن لم يقم الإمام لها ناظرا ففي دخولها في عموم ولايته وجهان: أصحهما الدخول كما جزم به المصنف، وأطلق الرافعي في كتاب الأقضية الدخول، وهو محمول على هذا، ويزاد في العمال بقدر الحاجة، والوزان والكيال والعداد عمال إن ميزوا بين أنصباء الأصناف، وأجرتهم من سهم العامل، إذ لو ألزمناها للمالك لزدنا في قدر الواجب. وأما مميزو الزكاة من المال وجامعوه فإن أجرتهم على المالك لأنها لتوفية الواجب، كأجر كيل المبيع فإنها على البائع، وأجرة الراعي والحافظ بعد قبضها والمخزن والناقل في جملة السهمين لا في سهم العامل. ثم شرع في الصنف الرابع، فقال: (والمؤلفة) جمع مؤلف من التألف، وهو جمع القلوب، وهو: (من أسلم ونيته ضعيفة) فيتألف ليقوى إيمانه ويألف المسلمين، ويقبل قوله في ضعف النية بلا يمين. (أو) من أسلم ونيته في الاسلام قوية، ولكن (له شرف) في قومه (يتوقع بإعطائه إسلام غيره) من نظائره، ولا يصدق في شرفه إلا ببينة. (والمذهب أنهم يعطون من الزكاة) لقوله تعالى: * (والمؤلفة قلوبهم) * إذ لو لم نعط هذين الصنفين من الزكاة لم نجد للآية محملا. والقول الثاني: لا يعطون، لأن الله تعالى قد أعز الاسلام وأغنى عن التأليف بالمال. والثالث: يعطون من خمس الخمس، لأنه مرصد للمصالح، وهذا منها. وكان ينبغي للمصنف أن يعبر بالأظهر لأن الخلاف أقوال. وخرج بقوله: من أسلم مؤلفة الكفار. وهم من يرجى إسلامهم ومن يخشى شرهم فلا يعطون من الزكاة قطعا للاجماع، ولا من غيرها على الأظهر، لأن الله تعالى أعز الاسلام وأهله وأغنى عن التأليف، ولخبر الصحيحين: أنه (ص) قال لمعاذ: أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم.
تنبيه: حصر المصنف المؤلفة في هذين الصنفين، وليس مرادا بل هم أربعة أصناف: المذكوران، والثالث:
من يقاتل من يليه من الكفار، والرابع: من يقاتل من يليه من مانعي الزكاة، فيعطون إذا كان إعطاؤهما أهون علينا من جيش يبعث لبعد المشقة أو كثرة المؤنة أو غير ذلك. قال الماوردي وغيره: ويعتبر في إعطاء المؤلفة احتياجنا إليهم، ونقله في الكفاية عن المختصر، وهو ظاهر في غير الصنفين الأولين، أما هما فلا يشترط فيهما ذلك كما هو ظاهر كلامهم.
وهل تكون المرأة من المؤلفة؟ وجهان الصحيح نعم. ثم شرع في الصنف الخامس فقال: (والرقاب) وهم (المكاتبون) كتابة صحيحة، فيدفع إليهم لا من زكاة سيدهم ولو بغير إذنه ما يؤدون من النجوم في الكتابة بأن عجزوا عن الوفاء ولو لم يحل النجم، لأن التعجيل متيسر في الحال: وربما يتعذر عليه الاعطاء عند المحل، بخلاف غير العاجزين لعدم حاجتهم وإنما لم يشترط الحلول كما اشترط في الغارم لأن الحاجة إلى الخلاص من الرق أهم، والغارم ينتظر له اليسار فإن لم يوسر فلا حبس ولا ملازمة. وإنما لم يشترط بما يخصهم رقاب للعتق كما قيل به لأن قوله تعالى: * (وفي الرقاب) * كقوله تعالى: * (وفي سبيل الله) * وهناك يعطى المال للمجاهدين فيعطى للرقاب هنا. أما المكاتب كتابة فاسدة فلا يعطى لأنها غير لازمة من جهة السيد، وكذا لا يعطى من كوتب بعضه كما ذكره في الروضة في باب الكتابة لئلا يأخذ ببعضه الرقيق من سهم المكاتبين. واستحسن الرافعي وجها ثالثا، وهو أنه إذا كان بينهما مهايأة صرف