إلى بلد آخر. (إلا أن يقسم الإمام فيحرم عليه التفضيل مع تساوي الحاجات) لأن عليه التعميم فكذا التسوية ولأنه نائبهم فلا يفاوت بينهم عند تساوي حاجاتهم بخلاف المالك فيهما، وهذا ما جرى عليه الرافعي في شرحية عن التتمة، لكنه قال في الروضة: قلت: ما في التتمة وإن كان قويا في الدليل فهو خلاف مقتضى إطلاق الجمهور استحباب التسوية.
وعليه جرى ابن المقري في روضه، والمعتمد ما في الكتاب. وخرج بقوله: مع تساوي الحاجات ما لو اختلفت فيراعيها.
وإذا لم يجب الاستيعاب يجوز الدفع للمستوطنين والغرباء، ولكن المستوطنون أولى، لأنهم جيرانه. (والأظهر منع نقل الزكاة) من بلد الوجوب الذي فيه المستحقون إلى بلد آخر فيه مستحقوها فتصرف إليهم، قالوا: لخبر الصحيحين: صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، ولامتداد أطماع أصناف كل بلدة إلى زكاة ما فيها من المال والنقل يوحشهم.
والثاني: الجواز لاطلاق الآية، وليس في الحديث دلالة على عدم النقل، وإنما يدل على أنها لا تعطى لكافر كما مر، وقياسا على نقل الوصية والكفارات والنذر. وأجاب الأول عن القياس بأن الأطماع لا تمتد إلى ذلك امتدادها إلى الزكاة.
تنبيه: كلامه يفهم أن القولين في التحريم، لكن الأصح أنهما في الاجزاء وأما التحريم فلا خلاف فيه.
وإطلاقه يقتضي أمورا: أحدها جريان الخلاف في مسافة القصر وما دونها، وهو كذلك، ولو كان النقل إلى قرية بقرب البلد. الثاني: جريانه، سواء أكان أهل السهام محصورين أم لا، وهو قضية كلام الماوردي والإمام وغيرهما، وخصه في الشافعي بعدم انحصارهم فلو انحصروا حولا تملكوها وتعين صرفها إليهم وتنتقل إلى ورثتهم ولو كانوا أغنياء، ومن دخل قبل القسمة لا شئ له، وهذا ظاهر كما سيأتي. الثالث: أنه لا فرق بين الإمام وغيره، وليس مرادا، بل إنما هو في المالك كما قاله الرافعي، أما الإمام والساعي، فقال في المجموع: الأصح الذي تقتضيه الأحاديث جواز النقل للإمام والساعي، وقال الأذرعي: إنه الصواب الذي دلت عليه الأخبار وسيرة الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم اه.
والعبرة في نقل الزكاة المالية ببلد المال حال الوجوب وفي زكاة الفطر ببلد المؤدى عنه اعتبارا بسبب الوجوب فيهما، ولان نظر المستحقين يمتد إلى ذلك فيصرف العشر إلى مستحقي بلد الأرض التي حصل فيها العشر، وزكاة النقدين والمواشي والتجارة إلى مستحقي البلد الذي تم فيه حولها. ويستثنى من ذلك مسائل: منها ما لو كان للمالك بكل بلد عشرون شاة، فله إخراج شاة في أحد البلدين حذرا من التشقيص، بخلاف ما لو وجب عليه في غنم كل بلد شاة فإنه لا يجوز النقل لانتفاء التشقيص. ومنها ما لو وجبت عليه زكاة ماله والمال ببادية ولا مستحق فيها فله نقله إلى مستحق أقرب بلد إليه. ومنها أهل الخيام غير المستقرين بموضع، بأن كانوا ينتقلون من موضع إلى آخر دائما، فلهم إن لم يكن فيهم مستحق نقل واجبهم إلى أقرب بلد إليهم وإن استقروا بموضع، لكن قد يظعنون عنه ويعودون إليه ولم يتميز بعضهم عن بعض في الحلل وفي المرعى وفي الماء، صرف إلى من هو فيما دون مسافة القصر من موضع الوجوب لكونه في حكم الحاضر، ولهذا عد مثله في المسجد الحرام من حاضريه، والصرف إلى الظاعنين معهم أولى لشدة جوارحهم، فإن تميز بعضهم عن بعض بما ذكر فالحلة كالقرية في حكم النقل مع وجود المستحق فيها فيحرم النقل عنها. (ولو عدم الأصناف في البلد) الذي وجبت الزكاة فيها وفضل عنهم شئ، (وجب النقل) لها إلى أقرب البلاد لبلد الوجوب، فإن نقل لا بعد منها فعلى الخلاف السابق في نقل الزكاة. (أو) عدم (بعضهم) أي الأصناف غير العامل أو فضل شئ عن بعض وجد منهم (وجوزنا النقل) مع وجودهم، (وجب) نقل نصيب الصنف المعدوم إلى ذلك الصنف بأقرب بلد. أما العامل فنصيبه يرد على الباقين كما علم مما مر، (وإلا) بأن لم نجوز النقل (فيرد) نصيب البعض أو ما فصل عنه (على الباقين) حتما إن نقص نصيبهم عن كفايتهم، فلا ينقل إلى غيرهم لانحصار الاستحقاق فيهم. (وقيل: ينقل) حتما إلى أقرب بلد، لأن استحقاق الأصناف منصوص عليه فيقدم على رعاية المكان الثابت بالاجتهاد. وأجاب الأول بأن عدم الشئ في موضعه