مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ١٢٥
النار فيخرجون، الخامسة، في رفع درجات ناس في الجنة، وكلها ثبتت في الاخبار، وخص منها بالعظمى، ودخول خلق من أمته الجنة بغير حساب، وهي الثانية، قال في الروضة: ويجوز أن يكون خص بالثالثة والخامسة أيضا. وهو أول من يقرع باب الجنة، وأول شافع، وأول مشفع، أي من يجاب شفاعته، فنسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يشفعه فينا، ويدخلنا معه الجنة، ويفعل ذلك بأهلينا ومشايخنا وإخواننا ومحبينا وسائر المسلمين. ولما كان النكاح من سننه (ص) قال المصنف رحمه الله تعالى: (هو مستحب لمحتاج إليه) بأن تتوق نفسه إلى الوطئ، ولو خصيا كما اقتضاه كلام الاحياء. (يجد أهبته) وهي مؤنة من مهر وكسوة فصل التمكين، ونفقة يومه وإن كان متعبدا، تحصينا لدينه ولما فيه من بقاء النسل وحفظ النسب وللاستعانة على المصالح، ولخبر الصحيحين: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء بالمد: أي قاطع، والباءة بالمد لغة الجماع، والمراد به هنا ذلك، وقيل: مؤن النكاح، والقائل بالأول رده إلى معنى الثاني، إذ التقدير عنده من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤن النكاح فليتزوج، ومن لم يستطع لعجزه عنها فعليه بالصوم، وإنما قدره بذلك لأن من لم يستطع الجماع لعدم شهوته لا يحتاج إلى الصوم لدفعها. وروى الإمام أحمد وابن أبي شيبة وابن عبد البر عن عكاف بن وداعة: أنه أتى النبي (ص) فقال له: ألك زوجة يا عكاف؟ قال: لا، قال: ولا جارية قال: لا، قال: وأنت صحيح موسر؟ قال: نعم والحمد لله، فقال: فأنت إذا من إخوان الشياطين، إن كنت من رهبان النصارى فالحق بهم، وإن كنت منا فاصنع كما نصنع، فإن من سنتنا النكاح، شراركم عزابكم، وإن أرذل موتاكم عزابكم وإنما لم يجب لقوله تعالى: * (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) *، إذ الواجب لا يتعلق بالاستطابة، ولقوله تعالى: * (مثنى وثلاث ورباع) * ولا يجب العدد بالاجماع، ولقوله: * (أو ما ملكت أيمانكم) *. ورد السبكي الأول بأنه ليس المراد بالآية المستطاب، وإنما المراد الحلال لأن في النساء محرمات، وهن في قوله تعالى: * (حرمت عليكم أمهاتكم) * الآية.
وقيل: هو فرض كفاية على الأمة لا يسوغ لجماعتهم الاعراض عنه لبقاء النسل، وقيل: يجب إذا خاف الزنا. قال المصنف:
وهذا الوجه لا يتجه بل يخير بينه وبين التسري. ورد بأن قائله لحظ الكمال بالاحصان الذي يمتنع به من الوقوع في الزنا خوف الرجم وهو مفقود في التسري. وقيل: يجب إذا نذره حيث كان مستحبا، ورد بأن النذر إنما يصح فيما يستقل به المكلف، والنكاح لا يستقل به لتوقفه على رضا الولي إذا كانت مجبرة، وعلى رضا الولي والمرأة إذا كانت غير مجبرة، وهو في حال النذر غير قادر على إنشاء النكاح، وبأن النكاح عقد، والعقود لا تثبت في الذمة، وما لا يثبت في الذمة لا يتصور التزامه بالنذر وقد ذكروا في كتاب النكاح أنه لا يتصور ثبوته في الذمة، وذلك فيما إذا قال: أعتقتك على أن تنكحيني فقبلت فإنه لا يلزمها أن تتزوج به لأن النكاح لا يثبت في الذمة. وقيل: يجب فيما إذا كان تحته امرأتان فظلم واحدة بترك القسم ثم طلقها قبل أن يوفيها حقها من نوبة الضرة ليوفيها حقها من نوبة المظلومة بسببها، ورد بأن هذه دعوى تحتاج إلى دليل، فإن هذا الطلاق أحد أنواع البدعي، وقالوا في الطلاق البدعي: إنه يستحب فيه الرجعة. ويستثنى من إطلاق المصنف ما لو كان في دار الحرب، فإنه لا يستحب له النكاح وإن اجتمعت فيه الشروط كما نص عليه الشافعي رضي الله تعالى عنه، وعلله بالخوف على ولده من الكفر والاسترقاق.
تنبيه: إطلاق المصنف لا يشمل المرأة بدليل قوله: يجد أهبته، وصرح في التنبيه بإلحاقها بالرجل في حال الحاجة وعدمها، فقال: فإن كانت لا تحتاج إلى النكاح، أي وهي تتعبد، كره لها أن تتزوج، أي لأنها تتقيد بالزوج وتشتغل عن العبادة، وإن كانت محتاجة إليه، أي لتوقانها إلى النكاح أو إلى النفقة أو خائفة من اقتحام الفجرة أو لم تكن متعبدة استحب لها أن تتزوج، أي لما في ذلك من تحصين الدين وصيانة الفرج والترفه بالنفقة وغيرها. وبذلك علم أن ما قيل إنه يستحب لها النكاح مطلقا مردود. والضمائر في قول المصنف: هو وإليه وأهبته إن أراد بها العقد أو الوطئ أو ب‍ إليه العقد لم يصح، وإن أراد ب‍ هو وأهبته العقد وب‍ إليه الوطئ صح، لكن فيه تعسف والشارح فسر النكاح
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460