مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٣٠
أو غيره جلدها عاد ملكا للراهن ولم يعد رهنا، لأن ماليته حدثت بالمعالجة بخلاف الخل. فإن قيل: قد يحدث بها أيضا كنقله من شمس إلى ظل وعكسه، وقد يقع الجلد في مدبغة من غير معالجة. أجيب بأن ذلك نادر فألحق بالغالب. نعم إن أعرض عنه المالك فدبغه غيره فهو له، وخرج عن الرهن كما صرح به الأذرعي. (وليس للراهن المقبض تصرف) مع غير المرتهن بغير إذنه، (يزيل الملك) كالهبة والبيع والوقف، لأنه لو صح لفاتت الوثيقة. وأما معه أو بإذنه فسيأتي أنه يصح. (لكن) إذا لم يصح تصرفه (في إعتاقه أقوال أظهرها ينفذ) بالمعجمة، (من الموسر) بقيمة المرهون . وبحث البلقيني بأن المعتبر اليسار بأقل الامرين من قيمة المرهون ومن قدر الدين، وهو كما قال الزركشي التحقيق دون المعسر لأنه عتق يبطل به حق الغير، ففرق فيه بين الموسر والمعسر كعتق الشريكين، فإن أيسر ببعضها عتق القدر الذي أيسر بقيمته. وإقدام الموسر على العتق جائز كما اقتضاه نص الشافعي كما قاله البلقيني وغيره واقتضاه كلام الرافعي وغيره في باب النذر، وإن نقل الرافعي عن الامام في بحث التنازع في جناية المرهون أنه يمتنع إقدامه عليه.
والثاني: ينفذ مطلقا ويغرم المعسر إذا أيسر القيمة وتصير رهنا. والثالث: لا ينفذ مطلقا، وإن احترز بقوله في إعتاقه عن الحكم بعتقه لا بإعتاق الراهن بل بالسراية، كما إذا رهن نصف عبد ثم أعتق باقيه فإنه يعتق إن نفذنا إعتاقه، وكذا إن لم ننفذه في الأصح. لكن يشترط اليسار على الأصح، لأن هذا حكم من الشرع بعتقه لا إعتاقه. (و) على الأول (يغرم قيمته) جبرا لحق المرتهن، وتعتبر قيمته (يوم) أي وقت (عتقه) وتصير (رهنا) أي مرهونة من غير حاجة إلى عقد، وإن حل الدين أو تصرف في قضاء دينه إن حل. (وإذا لم ننفذه) لكونه معسرا أو على القول بأنه لا ينفذ مطلقا ، (فانفك) الرهن بإبراء أو غيره، (لم تنفذ في الأصح) لأنه أعتقه وهو لا يمكن إعتاقه، فأشبه ما لو أعتق المحجور عليه بالسفه ثم زال عنه الحجر. والثاني: ينفذ لزوال المانع. وعلى الأول لو بيع في الدين ثم ملكه لم يعتق أيضا كما فهم من المتن بطريق الأولى. ولو استعار من يعتق عليه ليرهنه ثم رهنه ثم ورثه هل يعتق عليه لأنه عتق قهري من الشرع أو لا لتعلق الوثيقة به؟ والأوجه أن يقال: إن كان موسرا عتق وإلا فلا. (ولو علقه) أي عتق المرهون في حال الرهن بفكاك الرهن وانفك عتق، إذ لم يوجد حال الرهن إلا التعليق، وهو لا يضر. أو علقه (بصفة) أخرى كقدوم زيد، (فوجدت) بعد انفكاك الرهن بأن انفك مع وجودها أو قبله عتق أيضا لما مر. أو وجدت (وهو رهن فكالاعتاق) فيما مر، فيفصل فيه بين الموسر وغيره، لأن التعليق مع وجود الصفة كالتنجيز. (أو) وجدت (بعده) أي بعد فكاك الرهن أو معه، (نفذ) العتق (على الصحيح) والثاني: يقول التعليق باطل كالتنجيز في قول. ولو رهن نصف عبده مثلا ثم أعتق نصفه، فإن أعتق نصفه المرهون عتق مع باقيه إن كان موسرا أو غير المرهون أو أطلق عتق غير المرهون من الموسر وغيره، ويسري إلى المرهون على الموسر أخذا مما مر. وينفذ عتق المرهون من الموسر عن كفارته لا عن كفارة غيره بسؤاله، لأنه بيع إن وقع بعوض وإلا فهبة، وهو ممنوع منها. فإن قيل: يرد على ذلك ما لو مات الراهن فانتقلت العين إلى وارثه فأعتقها عن مورثه، وكذا إن لم يرهنه ولكن مات وعليه دين فإنه ينتقل إلى الوارث مرهونا، ومع ذلك يجوز إعتاقه عن مورثه كما هو حاصل كلام الرافعي في باب الوصية، وعلله بأن إعتاقه كإعتاقه.
أجيب بأن الوارث خليفة مورثه ففعله كفعله في ذلك، ولان الكلام في إعتاق الراهن نفسه، وفي الرهن الجعلي لا غيرهما، ومعلوم أن الاعتاق على المرتهن جائز كالبيع منه.
فرع: المبعض إذا كان له على سيده دين فرهن عنده نصفه صح، ولا يجوز أن يعتقه إلا بإذنه إذا كان معسرا، فإن كان موسرا صح بغير إذنه كالمرتهن الأجنبي فبهما. (ولا) يصح (رهنه لغيره) أي غير المرهون عنده لمزاحمته حق
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429